10 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عبثا يحاول الواحد منا أن يجد سببا كافيا للتفاؤل في ظل ما يجري في المنطقة من تحولات جوهرية لم تكن في الحسبان حتى لوقت قريب، فالكثيرون تيقنوا بأن الانكشاف الإستراتيجي الذي تعاني منه منطقة المشرق العربي على وجه التحديد قد وصل إلى مرحلة قد تُمهد لتسويات كبرى ستكون بكل تأكيد على حساب قضية العرب الأولى، وهي تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه في التحرر والاستقلال. فتفتت الدولة من الداخل في المشرق العربي وظهور نوايا لإعادة ترسيم المنطقة وفقا لتصورات أقل بكثير من حدود سايكس بيكو يجب أن يقرعا ناقوس الخطر في المنطقة التي دخل تفكيكها وإعادة تركيبها إلى مربع الفعل وليس التنظير. كتبت غير مرة موضحاً أن «النظام العربي» هو ممزق وتنافسي ومخترق! والحق أن الوضع زاد سوءًا في السنوات القليلة الماضية عندما تحولت أنظمة في بلدان عربية رئيسية إلى آليات لتخريب الأوطان بدلا من تحصينها، ولا يخفى على أحد أن إسرائيل تستفيد من كل ما يجري من هدر لطاقات الشعوب وانشغال العرب في حروبهم الداخلية غير المنتهية، فأولويات العرب تغيرت، وحتى نكون أكثر دقة لا يمكن الحديث عن أولويات عربية بل عن أولويات مختلفة لكل نظام عربي وهي بالمناسبة أولويات تتصارع وتتنافس في كثير من الأحيان وبخاصة إزاء الملفات الإستراتيجية الكبرى. فعندما اجتمع العرب في قمتهم في بيروت عام 2002 وتبنوا مبادرة السلام العربية، كان الوضع في الأراضي المحتلة يسمح بحل سياسي يمكّن الفلسطينيين من إقامة دولة مستقلة لهم، وجادل حينها الكثيرون بأن الفسحة المتاحة لمثل هذا الحل هي سنوات معدودة لن يكون بعدها من الممكن عمليا تنفيذ حل الدولتين، على أن الجانب العربي اكتفى نوعا ما بطرح المبادرة ولم يتابعها كما ينبغي في وقت تحولت إسرائيل فيه إلى اليمين وما يعنيه ذلك من التخندق خلف مقولات صهيونية لا تستقيم مع منطق السلام، وبدأت القوى التي تمثل مصالح الاحتلال الإسرائيلي في الإمساك بخيوط اللعبة السياسية ما أفضى إلى أمرين: أولا، شعور الدول العربية بغياب شريك إسرائيلي يقبل بتسوية تاريخية تتيح للطرفين التعايش السلمي، وثانيا، قيام إسرائيل بتغيير الوضع القائم في الأراضي المحتلة من خلال الزحف الاستيطاني الذي قضم الأرض ولم يبق ما يكفي لإقامة دولة فلسطينية. وبهذا المعنى استفردت إسرائيل بجانب فلسطيني عانى هو الآخر من التنافس والتمزق، والحق أن الولايات المتحدة التي تحولت إلى جزء من المشكلة إذ غضت الطرف عن السياسات الإسرائيلية حتى وهي تعرف بأن الاستمرار بهذه السياسات كان سيعرض عملية السلام للخطر، وعلى نحو لافت لم تدفع إسرائيل ثمنا لسياساتها الاستفزازية والعدائية في وقت تمكنت فيه إسرائيل وللأسف من رفع الكلفة على مقاومة الاحتلال. صحيح أن الشعب الفلسطيني كان وما زال صابرا وصامدا لكن لا يبدو أن هناك ضوءًا في نهاية النفق، فالمنطقة برمتها دخلت إلى مرحلة عدم تيقن وغموض وتفكيك وإعادة تركيب، وهذه حالة لا تقلق إسرائيل إستراتيجيا ولا تدفعها للإحساس بضرورة التقدم بحل يمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولتهم. غير أن هذا الأمر لا يعني بأي شكل من الأشكال بأن إسرائيل ستقبل بمبدأ الدولة الواحدة كبديل لحل الدولتين لاعتبارات ثقافية وصهيونية وإستراتيجية. فالدولة الواحدة الديمقراطية ستكون نقيضا لمبدأ الصهيونية الذي يرى أن دولة إسرائيل يجب أن تكون لليهود فقط. وإذا كان هذا التحليل صحيحا، وأحسبه كذلك، فإن الخيارات المتاحة أمام الجانب العربي المتراجع لن تكون كثيرة، ولا أحسب الجانب العربي مستعدا لمواجهة جديدة في ظل ما يجري. لكن لا يجب أن يكون هذا سببا في اليأس إذ أن هناك مجالا لدعم صمود الشعب الفلسطيني وتثبيته على أرضه بالرغم من الهجمة الصهيونية الشرسة على الأرض والإنسان الفلسطيني. وربما شكل تدهور الأوضاع في القدس والهجمة على الأقصى فرصة للعرب لإعادة النظر في مواقفهم والانتباه إلى أن الجانب الإسرائيلي يزداد تطرفا وطمعا ما يعرض الأمن القومي العربي – إن جاز هذا التعبير – لخطر قادم.وحتى لا تكون إسرائيل الرابح من الانكشاف الإستراتيجي في المشرق العربي على حساب الشعب الفلسطيني هناك حاجة ماسة لأن يجري الفلسطينيون مراجعات حقيقية بعيدة عن التنافس السوريالي على سلطة غير موجودة من الأساس، فلا معنى لاستمرار الانقسام لأن هذا الانقسام يخدم إسرائيل دائما ولا يمنح الفلسطينيين أية مكاسب حقيقية تساهم في تعزيز موقفهم الدولي أو حتى في الصراع مع إسرائيل.