17 سبتمبر 2025

تسجيل

العالم ما بين وباء ومجاعات وطبول حرب!

11 سبتمبر 2020

حضرت يومي 5 و6 سبتمبر الجاري مؤتمراً دولياً نظمه معهد "شيلر" العالمي برئاسة الصديقة الألمانية السيدة (هلجا لاروش)، أرملة المرشح الأمريكي الأسبق للرئاسة الأمريكية فقيد قضايانا العربية وعدو التطرف الإسرائيلي (ليندن لا روش)، وهو السياسي وعالم الاقتصاد الذي عرفته منذ الثمانينيات، ودعاني إلى كل نشاطات المعهد ونشر مقالاتي مترجمة للإنجليزية في مجلته الأكاديمية الشهرية الراقية (إكزيكيتيف أنتليجنس ريفيو) وما تزال تنشر لي إلى اليوم، كما أنه استقبلني للغداء في "رانشه" في بنسيلفانيا عندما زرت واشنطن عام 1984. كان هذا المؤتمر بالاتصالات الرقمية بسبب الكورونا وشارك فيه وزراء وسفراء وأكبر الخبراء في الجيوستراتيجية من الولايات المتحدة والصين وروسيا وأوروبا، وهو بعنوان (نحو إرساء قواعد جديدة للعلاقات الدولية والتصدي لمخاطر الحرب) وهذا الموقع يعطيكم التفاصيل:new paradigm for international relations https//www.institutshiller.org اتفقت الشخصيات المشاركة بمداخلات مكتوبة ومن أبرزهم السادة (أندراي كورتونوف) المدير العام للمجلس الروسي للعلاقات الدولية، و(زهوفنغ) أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز العلاقات الدولية بجامعة نانجنغ، و(جيم جاتراس) مستشار الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي وعدد من الوزراء والأساتذة الأوروبيين والأمريكان اتفقوا في مداخلاتهم على الدعوة إلى التصدي المشترك بين واشنطن وموسكو وبيجين والاتحاد الأوروبي والدول متوسطة القوة المؤثرة في مستقبل العالم؛ مثل الهند وباكستان والأرجنتين وتركيا لمقاومة عالمية متناسقة وناجعة لفيروس كورونا الذي انتشر بقوة منذ نصف عام وما يزال. وسجل المؤتمرون بأسف انعدام التشاور والتعاون بين هذه الدول أو على الأقل ندرته وعدم استمراره على نسق مؤسسي بإشراف المنظمات الدولية، مما أدى بالإنسانية إلى قرارات عشوائية ومتخبطة ما بين سلطات سياسية حزبية وسلطات طبية علمية تعمل كل واحدة منها بمعزل عن الثانية، واستبشر المؤتمر بقرب الفرج باكتشافات جدية لعلاجات واقية وتطعيمية في كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا. ثم تطرق المؤتمرون إلى ما سماه بيانهم "قرع طبول تنذر بالاستعداد للأزمات الإقليمية التي يمكن أن تتحول إلى حرب أشمل"، مسجلين ما يصدر عن إدارة الرئيس ترامب منذ انتخابه من تهديدات موجهة، إما مباشرة أو ضمنيا أو إيمائيا إلى الصين وروسيا مما يزيد العلاقات الدولية تأزما بين عواصم ثلاث، هي التي تؤثر في رسم الخرائط الجيوستراتيجية بين الدول والقارات إلى جانب ما طرأ على اقتصادات العالم من تعطل طويل للإنتاج الصناعي والتنمية والتبادل التجاري، منذ فرض فيروس كورونا قوانينه الصارمة القاضية بغلق المصانع وتسريح العمال وتعطيل المؤسسات التربوية والجامعية للحد من انتشار العدوى القاتلة واستعدادا للتصدي للجائحة العابرة للقارات التي لا تعترف بالحدود!. ثم حلل المشاركون ظواهر نعتوها بالخطيرة أصبحت تعاني منها كل دول الغرب، وأولها ظاهرة صعود اليمين العنصري إلى مؤسسات الحكم، وهي ظاهرة فوز الأحزاب الشعبوية الأوروبية العنصرية في انتخابات محلية ووطنية بشعارات تمس العواطف والغرائز لا غير، وما خطاب رئيسة الحزب اليميني الفرنسي (مارين لوبان) في مدينة (فريجيس) الأسبوع الماضي إلا نموذج ورمز لتلك الظاهرة، لأن الخطاب كان شيطنة للمهاجرين المستقرين في فرنسا وأوروبا منذ عقود، ودعوة للناس لطردهم شر طردة مما سمته هذه المتطرفة "الغرب المسيحي المهدد بالأسلمة"!. أتى المؤتمر بعد ذلك إلى طبول الحرب، فحلل المشاركون الوضع المتفجر في شرق البحر الأبيض المتوسط بسبب تقارب الأسطول البحري التركي والأساطيل اليونانية – مع مشاركة رمزية لدولة خليجية بعيدة كل البعد عن المتوسط - في مناورات عسكرية، أعلن الرئيس التركي أردوغان أنها ستكون بالذخيرة الحية، داعيا القطع البحرية المتواجدة في منطقة المناورات إلى الابتعاد والحيطة، وهو ما أنشأ وضعا جديدا تبرره مطالبة تركيا المتوسطية بحقها في التنقيب عن الغاز، بعد أن تحركت اليونان لتنازعها هذا الحق بلا سند من القانون الدولي، وتدعم اليونان فرنسا ومصر وقبرص اليونانية وطبعا إسرائيل ودولة خليجية صغيرة طبعت علاقاتها معها وتشارك في المناورات!. وسجل المؤتمرون موقف الحياد الأمريكي والألماني وهو ما وصفوه بالحكيم السلمي، وفسروه بأن كلا من تركيا واليونان دولتان عضوتان في حلف الناتو، وللحلف ميثاق وأعراف ومصالح تتجاوز المواقف الوطنية الأحادية!. هذه لوحة واقع العالم اليوم بألوانها الداكنة وأبعادها المخيفة، ولم يغفل المؤتمر عن المجاعة التي تهدد 15 دولة، منها دولة عربية هي اليمن، بفعل السياسات العربية المتخبطة المتدخلة في اليمن منذ خمسة أعوام!. [email protected]