01 نوفمبر 2025
تسجيليقف الآن حجاج بيت الله على جبل عرفة في يوم هو الأعظم من أيام الإسلام حين تصعد الى السماء ملايين بل ربما مليارات الدعوات التي تتوسل الى الله العفو والعتق من النار والعودة من الحج كما ولدتهم أمهاتهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها. والحقيقة أن هذا الجبل الذي خصه رب العالمين بشرف لو تعلمون عظيم وأعني جبل عرفة حيث إن الوقوف به يعد أهم أركان الحج.ويقع جبل عرفة شرق مكة على الطريق الرابط بينها وبين الطائف بحوالي 22 كم، وقد تعددت الروايات حول سبب تسمية عرفة بهذا الاسم، حيث تقول الموسوعات ان هناك روايتين الأكثر تأكيداً هما؛ أن أبا البشر آدم التقى مع حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنة في هذا المكان ولهذا سمي بعرفة، والثانية أن جبريل طاف بالنبي إبراهيم عليه السلام، فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له: "أعرفت أعرفت؟" فيقول إبراهيم: "عرفت عرفت" ولهذا سمي عرفة.وكما تذكر كتب الفقه أن الوقوف بعرفة يتحقق بوجود الحاج في أي جزء من أجزاء عرفة، سواء كان واقفاً أو راكباً أو مضطجعاً، لكن إذا لم يقف الحاج داخل حدود عرفة المحددة في هذا اليوم فقد فسد حَجُّه .كما تذكر ايضا أن الوقوف بعرفة أهم ركن من أركان الحج وذلك لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه».وقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل هذا اليوم منها: ما رواه أبو هريرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً»،وما روته عائشة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم».والحق أقول إن قلبي وقلب ملايين المسلمين ممن لم يكتب الله عز وجل لهم نصيبا في الوقوف بعرفة هذا العام، معلق معهم يٌكبر ويهلل مع الحجاج ويدعو معهم كأنما أرواحنا هناك تكبر وتهلل وتلبي.كما أن عيني تفيض بالدمع وانا استحضر رسولنا وقدوتنا سيدنا محمد صلوات الله وتسليماته عليه حين وقف على عرفة فى حجته الأولى والأخيرة حجة الوداع وما قاله في هذه الخطبة التي تعد نبراساً ودستوراً حيث أنقل منها فقرات قصيرة أذكر نفسي وإياكم بها:" أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. "وذكر صلوات الله عليه وسلم ايضا"أما بعد أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون من أعمالكم فاحذروه على دينكم "وأنقل ايضا من تلك الخطبة الخالدة" استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً – ألا هل بلغت اللهم فاشهد."واخيراً أتقدم بخالص التهاني والتبريكات الى حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وإلى سمو الأمير الوالد وسمو نائب الأمير وسمو الشيخة موزا بنت ناصر حفظهم الله جميعا، والى الشعب القطري الكريم والى كل مقيم على ثرى هذه الأرض الطيبة وأن يرزقنا الله سبحانه العتق من النار، وأن يحقق لنا كل ما نتمناه، ويديم علينا نعمة الصحة والعافية والأمن والأمان إنه نعم المولى ونعم النصير، وكل عام وأنتم بخير.