26 أكتوبر 2025

تسجيل

عباس يسقط في الاختبار الديمقراطي

11 سبتمبر 2016

قرار السلطة الفلسطينية وقف إجراء الانتخابات المحلية مؤقتا، يوجه صفعة كبيرة للحالة السياسية الفلسطينية، ويكرس حالة العبث التي تسود الوضع الفلسطيني بشكل عام، بعد أن تحول إلى معلب لعدد كبير من القوى الإقليمية والدولية. هذه الانتخابات التي كانت ستجري في الثامن من شهر أكتوبر المقبل في الضفة الغربية وقطاع غزة أوقفتها محكمة العدل العليا الفلسطينية بحجة أن القدس غير مشمولة في الانتخابات، وأن تشكل محاكم الاعتراضات والطعون في قطاع غزة لم يتم حسب الأصول.قرار وقف الانتخابات المحلية ليس قضائيا بل سياسي بامتياز، فهذه المحكمة التي قررت وقف الانتخابات مؤقتا هي نفسها التي ألزمت حكومة سلام فياض بإجراء الانتخابات عام ألفين واثني عشر في نفس الظروف السائدة حاليا في قطاع غزة والقدس، وبالتالي لا وجود لأي متغيرات سياسية أو ميدانية في المنطقتين، وهذا ما دفع حركة حماس إلى وصف القرار بأنه "مسيس" ويهدف لإنقاذ حركة فتح بعد سقوط عدد من قوائمها أمام لجنة الانتخابات والمحاكم الفلسطينية.لكن الأهم من موقف حماس هو ما نقل على لسان مصدر فتحاوي رفيع المستوى من أن "الإنذارات العربية المتتالية من الأردن ومصر والسعودية والإمارات للرئيس محمود عباس، بأن الانتخابات المحلية ستقود حماس مرة ثانية للسيطرة على الضفة الغربية، سيزيد الوضع الفلسطيني سوءًا وسيعمّق الانقسام، ويضعف فتح أكثر".إذن المسالة واضحة وهي أن هذه الدول العربية لا تريد انتخابات أخرى تفوز فيها حماس، لأن كل المؤشرات تدل على أن حماس هي الأقرب بالفوز بغالبية البلديات، أو بعدد كبير منها، في ظل عدم وجود منافسة حقيقية بسبب الصراعات التي تخيم على حركة فتح بين محمود عباس ومحمد دحلان، إضافة إلى الصراعات بين التيارات "المصلحية" المختلفة في الحركة.إجراء الانتخابات كان من شأنه توضيح صورة موازين القوى الشعبية على الأرض بين الفصائل المختلفة، وربما قاد إلى فتح طريق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، لكن ذلك لم يحدث ما يعكس حال الفشل السياسي الفلسطيني ويؤكد ارتهان الفلسطينيين حاليا لقوى خارجية، تحول دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الطبيعية في وطنه، وحق في الحرية والاستقلال وإقامة دولة مستقلة.باختصار إقدام سلطة محمود عباس على تأجيل الانتخابات المحلية الفلسطينية يعمل على تسميم الوضع الفلسطيني المسموم أصلا، ويعمق الصراع الفلسطيني – الفلسطيني ويفتح الباب للاحتراب الداخلي، ويمنع ضخ أكسجين ديمقراطي ضروري لإنعاش الحالة الفلسطينية.لقد تعامل الفلسطينيون بحماس كبير من هذه الانتخابات فقد تقدمت 874 قائمة للتنافس في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل منها 867 قائمة منها 87 قائمة في قطاع غزة، تتنافس لشغل 3818 مقعدًا في 416 مجلسًا بلديًا في مدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة.تخريب اللعبة الانتخابية هي الإستراتيجية التي اعتمدتها السلطة بعدما أيقنت أنها ستخسر الانتخابات في مواجهة حماس، وهي إستراتيجية للهروب من الاستحقاقات الداخلية والخارجية لسلطة رام الله وحركة فتح في الوقت نفسه، ودفع الحالة الفلسطينية كلها إلى الأسوأ من أجل التغطية على حالة الاهتراء التي تعيشها حركة فتح وسلطة رام الله وعجزها عن الحصول على الشرعية الشعبية الفلسطينية والاتكاء إلى شرعية مزيفة بفضل الاعتماد على قوى عربية ودولية، ما يعكس الوضع المأساوي الذي وصلت إليه سلطة عباس وحركة فتح.