11 سبتمبر 2025
تسجيلإن الخالق سبحانه وتعالى منّ على البشرية بكثير من النعم التي لاتعد ولا تحصى، إن الإنسان كان ظلوما جهولا، لذا ينبغي على المرء أن يعلم ما ينفعه فيستفيد منه وما يضره فيبعد عنه حتى لا يكون سببا في ضياعه وهلاكه، فمما لا شك فيه أن شبكات الإنترنت باتت من أهم إنجازات الثورة الرقمية المعاصرة لما وفرته من سهولة الاتصال بين أقطاب المعمورة، لذا كان له من الآثار الإيجابية على كافة النشاطات المعلوماتية والاقتصادية والاجتماعية، لذلك أصبح أسلوبا سهلا وميسرا للتعامل اليومي ونمطا للتبادل المعرفي والاجتماعي خلال هذه الأيام، إلا أن كل هذه الانجازات لا تخفي الوجه الكالح الآخر للإنترنت فيما يعرف بالجريمة الالكترونية، فأصول التربية السليمة وقواعدها الصحيحة تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها.فإن الانفتاح السريع الذي دشنته الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال استطاعت هذه التقنية أن تطرح نفسها بقوة، بديلا موضوعيا وغنيا عن المجلات والأشرطة، وصار بإمكانه توفير مساحات أوسع للباحثين عن المعرفة، فالمواقع الإباحية على الشبكة تسيل كالمطر المنهمر كما أن أرباحها تتضاعف ملايين المرات، لذلك حرص الهدي النبوي على الوصية بالشباب فعلى الجميع أن يستوصوا بالشباب خيرا، لكي يكونوا خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، فيحرصون على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف، ويعملون على تطوير مجتمعهم والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس لكي يعيش الفرد حياته على جانب من الالتزام والمسؤولية، بحيث يكون صادقا مع نفسه ومع غيره ومع عمله ومجتمعه لا يخاف إلا الله، عندئذ يستطيع كل فرد أن يؤدي دوره المنوط به فيصلح المجتمع ويصلح حال الناس، فوسائل التقنية الحديثة بمفهومها العام تعد من أهم الوسائل الأكثر تأثيرا في الفرد والمجتمع، مما يجعل لها الأهمية البالغة فيما يبثه وينشره على أسماع الجميع، ويعد الإنترنت المقروء سلعة ثمينة في متجر الوسائل الإعلامية وشكلا متطورا من أشكال الإعلام حيث يشكل قوالب للفكر والرأي والأخبار، فقد ظهرت هذه القوالب مع النهضة الثقافية والعلمية لتصبح احد أهم خطوط الصياغة الفكرية ولا ينكر أحد أن لوسائل الاتصال دورا كبيرا في عالم اليوم تتفاوت شدته حسب المجتمعات ومدى انتشار الإعلام فيها.فقد شكلت مقاهي الإنترنت منذ ظهورها وانتشارها أهمية كبرى لاستقطاب العديد من المراهقين والباحثين عن وقت متحرر من كل أشكال الضبط والرقابة الاجتماعية خاصة وزبائن الشات قد كثروا في هذا الزمن يقضون الساعات الطوال وراء شاشة الحاسوب بحثا عن صدفة ليتحول البحث إلى إدمان غير محدد الأبعاد وغير واضح المعالم، فوسائل التقنية الحديثة وهذه الاختراعات العجيبة التي ولع بها الجميع لتعد من وسائل النهضة والرقي التي غلبت على حديث الناس الذين يبحرون في مواقعها ويتجولون في جنباتها بالساعات، يقول الله تعالى:(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) إبراهيم:34 لذا يعتبر الانترنت لدى البعض ضرورة ومطلبا وحقا لكل شخص كالماء والهواء ويعتبره البعض مجرد مضيعة للوقت وإهدار للعديد من العادات المهمة، ولقد أمرنا هدي ديننا الحنيف بالاستفادة من كل جديد والتعرف على السبل الجديدة العديدة لتحقيق النفع والبعد عن الضرر،فلقد فتن الشباب اليوم بالإنترنت وولعوا به ولعا شديدا فأصبح جل حديثهم عنه وعن ارتياد مواقعه والإبحار فيها، والجلوس في صحبته الساعات الطوال دون كلل أو ملل وهذا يدعونا للتأمل في محاسنه ومفاسده حتى نكون على بصيرة من أمرنا، فإذا امتزجت التقنية بجحود أو اقترنت بضلال ومعصية وبعد عن الهدف وامتلأ صاحبها بالعجب والتيه فتؤدي به إلى الضلال وتورده المهالك وتكون سببا في خلوده في النار والعياذ بالله، فمع الأعداء بضاعة يقدمونها ويصدرونها إلى الضعاف وهي كل ما يسلب الأخلاق ويدمر القيم ويذل الأمة ويخدر شبابها ويميع أبناءها،فهم يقلدون غيرهم في كثير من أمور الحياة والاستهتار والانحلال وفي التخلي عن الروابط الاجتماعية والجرأة على المحرمات الشرعية، إن غزوهم شامل في العقيدة والاقتصاد والتعليم، لذا فعلينا أمة الإسلام جميعا أن نكسر هذه الأغلال ونحطم هذه القيود، إن ديننا الإسلامي ثري بتعليماته وآدابه وقيمه مما يحقق لنا الرفعة والكمال يقول تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) الأنعام:153، فلتكن أخلاق الشباب القرآن ومنهجه الإسلام وشريعته وأحكامه الفرقان، وليكن شباب المسلمين مميزا في كل شؤون حياته تظهر عليه علامات الإسلام وأمارات التقوى تزين وجوههم.