14 سبتمبر 2025

تسجيل

صنعاء بين خيارين

11 أغسطس 2016

الرئيس المخلوع علي صالح ومعه الحوثيون يسابقون الزمن لعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لتمنح هذه الخطوة الشرعية للإجراءات الانقلابية ومنها المجلس السياسي الذي أعلن عنه مؤخرا لإدارة البلاد وتسمية أعضائه العشرة مناصفة وفي المقابل وصف وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي انعقاد مجلس النواب تحت القوة القاهرة بأنه خيانة وتعزيز لخيار الحرب وإطالة أمد معاناة الشعب، ومنذ فشل مشاورات الكويت تسير الأوضاع باتجاهات أكثر تعقيدا إذ عادت طائرات التحالف العربي لتكثيف الغارات على مواقع ومعسكرات الانقلابيين في صنعاء وتعز وإب وحجة وصعدة بينما تدور معارك عنيفة في جبهة نهم حيث تسعى المقاومة والجيش المؤيد للشرعية إلى السيطرة الكاملة على نِهمْ أكبر مديريات محافظات صنعاء والتقدم نحو مديرية أرحب ليصبح المطار الدولي وعدد من أحياء العاصمة في مرمى نيران قوات الشرعية. وفي ظل التصعيد العسكري غير المعهود منذ بدء الهدنة في العاشر من أبريل الماضي أبلغ التحالف العربي الأمم المتحدة بإيقاف الرحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي مدة 72 ساعة قابلة للتمديد في إشارة إلى أن الأمور قد تتجه إلى الحسم العسكري خاصة بعد وصول نائب الرئيس علي محسن الأحمر إلى مأرب لقيادة المعركة ربما وتأكيد الرئيس عبد ربه منصور هادي في اتصال مع رئيس هيئة الأركان اللواء محمد المقدشي عندما قال إن "بشائر النصر قادمة لا محالة وستهزم وتندحر إلى الأبد المشاريع الضيقة الفئوية والمناطقية ومن يقف خلفها". لكن هذه التطورات تفرض طرح أكثر من سؤال أهمها: هل سينجح الحوثيون والمؤتمر الشعبي العام جناح صالح في فرض سلطة الأمر الواقع والعودة إلى ما قبل ثورة 11 فبراير 2011؟ وهل تكثيف قصف طيران التحالف العربي لمواقع الانقلابيين يعني اللجوء إلى خيار الحسم العسكري أم لدفع الحوثيين وحلفائهم للعودة مجددا إلى طاولة المفاوضات والموافقة على ما رفضوه في مشاورات الكويت الفاشلة؟ هل أعطت واشنطن الضوء الأخضر للرياض لحسم الأزمة في اليمن عسكريا خاصة بعد نجاح السعودية وقوات التحالف في ضرب تنظيم القاعدة في حضرموت؟ وهل سيتم الحسم العسكري بدخول صنعاء أم عن طريق الهجوم على الحزام القبلي المحيط بها ومهاجمة صعدة معقل الحوثيين والسيطرة عليها؟ أيا تكن التوقعات والقراءات والإجابات فإن السيناريوهات والمصفوفات التي تعتمد عليها الدراسات الاستشرافية لا تجدي نفعا عندما يتم بحث الأزمة في اليمن، لذلك فإن الظاهر في الأمر أن الحوثيين وحليفهم يعولون على الموقف الروسي الذي عطل صدور بيان من مجلس الأمن الدولي يدين إجراءاتهم الأحادية الأخيرة، كما أن مراوغاتهم في مشاورات الكويت كانت تجد دعما من أطراف دولية وحتى عندما أفشلوا هذه المشاورات خرج المبعوث الأممي إسماعيل ولدي الشيخ أحمد ببيان يؤكد فيه عدم جدوى الخيار العسكري وأن مشاورات مقبلة ستنطلق بعد شهر في بلد آخر سيتم الاتفاق عليه مما يعني أن التصعيد العسكري لقوات التحالف العربي هدفه ممارسة مزيد من الضغط على الحوثيين وصالح لتقديم تنازلات خاصة أن هناك طرفا في هذا التحالف أصبح يطرح بشكل واضح اسم نجل الرئيس المخلوع ليصبح جزءا رئيسيا من أي تسوية سياسية، وسواء عادت الشرعية إلى صنعاء عبر خيار الحسم العسكري أو عبر الحل السياسي أو عبر خيارات أخرى لا نستطيع التنبؤ بها فإن الكثير من اليمنيين يأملون أن تنتهي الأزمة والمعاناة بأي وسيلة وبأي تكلفة فلم يعد أمامهم ما يخسرونه بعد أن طحن الجوع والفقر أكثر من 85 في المائة من السكان.