31 أكتوبر 2025

تسجيل

بعيد عن السلبية

11 يوليو 2015

إن هدي الإسلام جاء ليعلم الناس الإيجابية وكيف يكون المسلم كالشجرة التي تظل من حوله وكيف يكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة وترميهم بالثمار، فيكون متعاونا صاحب مودة يحب الناس ويحبه الناس ينظر بعين الرضا بعيدا عن السلبية حقا فهو خير البرية، وهذا ما يوائم طبيعة النفس البشرية التي هي تميل إلى البدء بالبر والتعاون والعطاء ويلائم منهج الإسلام العام في تنظيم المجتمع الإسلامي، إذ جعل التكافل الاجتماعي يبدأ من محيط الأسرة ثم يمتد إلى دائرة الأقربين ثم ينساج في محيط الجماعة في سهولة ويسر وفي تراحم ورضا ومودة، مما يجعل الحياة حلوة جميلة لائقة ببني الإنسان، وحسبه أن يعلم أن رحمة الله تحجب عن القاطع السلبي فلا تتنزل عليه يدعو فلا يستجاب له دعاء، ويعمل فلا يرفع له عمل ويفيء إلى رحمة ربه فتبتعد عنه، إن الإنسان في رمضان يفعل الخير دوما فتراه دائما يحب الخير ويكثر من فعله لأنه علم قيمة الإيجابية فهو بعيد عن السلبية.فالإيجابية هي أن يكون الإنسان فيضا من العطاء متفائلا لا ييأس حتى وإن قنط الآخرون يستطيع أن يصنع من الشمعة نورا، فهو جميل لذا فإنه يرى الوجود جميلا خاصة في أيام الصيام والتي يكون فيها المسلمون قدوة لغيرهم، فهذه سمة من سمات أبناء هذه الأمة، ومن أجل ذلك تعد أمتنا أمة رائدة بما تحمل من عقيدة قوية وإيمان راسخ وبما تنتهج من وسطية واعتدال في شؤون حياتها الدنيوية والآخروية، فلا تعنت وتشددا يحدث خللا في أوساطها ولا تسيب وانفلاتا يقلبها رأسا على عقب وإنما بما لديها من إيجابية تستطيع من خلالها حمل راية القيادة فتدرك بذلك الأخطار الناجمة التي تحيط بها، فتعمل جاهدة على الحفاظ على كيانها واستقرارها فتعمل على تحقيق الرفعة والتقدم، فإن جميع من يعيش على ظهر المعمورة يدركون أن أمة الأسلام أمة عريقة واسعة الأرجاء غنية التجربة راسخة الجذور، فالمرء الذي تربى على هدي الإسلام وارتوت نفسه من معينه الطاهر حريص كل الحرص على نفع الناس في مجتمعه، لكي يكون عضوا فعالا في جسد هذه الأمة التي ترتقي بسواعد أفرادها فهو يرفع من شأن أمته ويدفع الأذى عنها، ذلك أنه بحكم تكوينه وتنشئته على مبادئ الحق والخير والفضيلة والقيم أصبح عنصرا بناء فعالا نافعا ،لا يطيق أن يرى الفرصة متاحة لفعل الخير إلا وينتهزها، وإنه ليعلم أن فعل الخير يؤدي إلى الفلاح، فإنه ليسارع إلى فعل الخير واثقا بمثوبة الله له في كل خطوة يخطوها في فعل الخير فهو صائم وكل يوم يمر عليه يكون فيه إيجابيا يصلح فيه بين المتخاصمين ويعدل بينهما يكون له بذلك صدقة وأجر. ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها، أو يرفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ويميط الأذى عن الطريق صدقة، فالثقافة الإسلامية تطبع شخصية الفرد بطابع معين يميزه عن غيره، ومن تلك السمات الفريدة التي يمتاز بها المسلم الإيمان والتقوى والورع والخشوع لله تعالى والطاعة والصبر والمصابرة، والأمل والرجاء والتوكل والاعتماد على الله تعالى، فيتربى المسلم على نصرة الحق وإغاثة الملهوف والسماحة وإنذار المعسر والحلم والوفاء بالعهد والعقود وطلاقة الوجه والتمسك بالآداب العامة والنظافة وما إلى ذلك من السمات والخصال الحميدة والفضائل الخلقية، لأن الكمال البشري لا يصنعه شكل ولاصورة ولا تصنع في أمور الدين، إنما الكمال المنشود عمل حقيقي داخل النفس الإنسانية تزكو به وتسمو، لذلك تبرز أهمية الإيجابية في أنها تحقق جوانب دينية واجتماعية فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن من يتمتع بالإيجابية يكون همه كيف يصلح ويبني ويبتعد عن أي تصرف يفسد ويهدم فهو ينسى كيانه وذاته والانتصار لنفسه ويكون همه أعلى وهدفه أسمى.