18 سبتمبر 2025
تسجيلإن المرء دائما يحاول السعي نحو الكمال ويحث السير إلى الارتقاء المادي والنفسي، فإن مستقبله عند الله مرتبط بالمرحلة التي يبلغها في تقدمه، فإن أدركه الموت وهو في القمة كان من أصحاب الفردوس الأعلى، وإن أدركه وهو في هذه أعمى حشر يوم العرض أعمى، ومن كان قذرا بعث كذلك وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل الحريص على نقاوة بدنه ووضاءة وجهه ونظافة أعضائه يبعث على حالته تلك وضيء الوجه أغر الجبين، نقي البدن والأعضاء فكيف بالمرء وهو صائم يذهب إلى المساجد يتزين ليظهر أمام الناس شامة فإن الهدي النبوي يعلمنا أن المسلم الحق صحيح الجسم قوي البدن لبعده عن المنهكات والمهلكات من الأشياء الضارة الخبيثة المحرمة، ولتجنبه العادات السيئة المجهدة والمنهكة والتي توهي العزيمة ومنها الحرص على مجموعات التواصل دون معرفة كافية عن هؤلاء الذين تقضي معهم عظيم الوقت، فلربما أن يجرك أحدهم إلى المهالك بأفعالها الخبيثة السيئة إنه صديق السوء الذي يضيع صيامك وذكرك وقرآنك، فهل وعى الآباء خطورة اختلاط الأبناء بذويهم من بني جنسهم من زملائهم في التواصل مما يجعل له التأثير الكبير في حياة الأبناء إما بالسلب أو بالإيجاب وهذا يتوقف على نوعية ما يتأثر به الأبناء من أصدقاء، ومن هنا يجب أن ننتبه لهذه الناحية المهمة في علاقات أبنائنا وأن نتدخل بين الحين والآخر لنوجه هذه العلاقات وجهتها السليمة وأن نحرص على أن تكون صداقتهم ورفقتهم للنوعيات الجادة، كريمة الخلق والمعتقد والسلوك فإن أمامهم مستقبلا يحتاج إلى جدية وجهد وعمل، وإذا اتضح لنا أن الصلات نشأت بينهم وبين النوعيات الفاضلة يجب أن نصعدها وننميها ونرعاها بكل جهودنا وتفكيرنا، فمن خلال مجموعات الشات وغيره من وسائل التواصل يكون له كثير من الصدقات وربما تكون صداقات محرمة في الإسلام، فللصديق أصدقاء آخرون على شاكلته وهكذا يصبح صديق الصديق صديقا، ومع الزمن تتكامل السلسلة من أصدقاء فاضلين يشكلون مجتمعا تخفق في أعماق ضميره ووجدانه رايات الخير والفضيلة.إن الصديق يترك تأثيراته السلبية والإيجابية من خلال الجانب الشعوري على صديقه، مما يجعل مسألة الصداقة من المسائل التي تتصل بالمصير الإنساني في كثير من الحالات، فإننا نجد أن ديننا الحنيف قد أصل لهذه القواعد أصولها، وتناول قضية اختيار الصديق بتحليل مستفيض اختزن من فيضه تلك القواعد في أحسن سياق وأجمل مثال يفهمه الخاصة والعامة، ويفهمه كل من أراد أن يجعل من صحبته من يستفاد به في حياته ويعينه على الطاعة، ويكون له مصدر سعادة، يذكره إذا نسى ويشاركه الأفراح والأحزان، فلقد جاء في الهدي النبوي دعوة المسلم إلى النظر بعين التأمل والتحقق من الصاحب والخليل فقال صلى الله عليه وسلم:(المرء على دينه خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود، فالناس أشكال كأشكال الطير فكل يقع على شاكلته، وكل إنسان مع شكله ومن طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق من أهل المواساة والبر والصدق وكرم العشرة والصبر والوفاء والأمانة والحلم، إن مثل هذه الخطوط التربوية التي انطلق منها هدي الإسلام في الجانب العام من تأثر الإنسان بالإنسان الآخر، وضرورة أن يبقى الإنسان مع فكره بحيث لا يخضع فكره للآخرين، وأن يتخلص من الأجواء الضاغطة، وأن يعمل على أساس أن يحمي إيمانه بالشكل الأساسي باعتبار أن الصداقات التي كانت تتحرك من خلال الأوضاع الطارئة في الدنيا سوف تنفتح على نتائج المسؤولية في الآخرة، ولذلك فإن الناس عندما يتحدثون عن الصداقة فإنهم يتحدثون عن الوفاء وعن التضحية فالصديق ينفعك وقت الضيق، ونحن عندما نفكر في الصداقة في دائرتها الشعورية المنفتحة على الدائرة الإيمانية، فإننا نرى أن الإسلام يفرض على الإنسان المؤمن أن ينفتح على أخيه المؤمن ليحمل همه وليفرج كربه وليقضي حاجته وليعينه في جميع أموره وليحفظه في نفسه وماله وعرضه.