12 سبتمبر 2025
تسجيلكان جَحْدَر بن ربيعة العكلي بطلاً شجاعاً مغواراً وشاعراً، يقال إنه غلب أهل اليمامة وقهرهم في زمن الدولة الأموية، وبلغ ذلك الحجاج بن يوسف فأرسل إلى عامله يوبخه على تهاونه هذا وتوانيه في محاربة جَحْدَر.. فوجه العامل إليه فتية من بني حنظلة وجعل لهم مكافأة عظيمة إن هم قتلوه أو أتوا به أسيراً، فتوجه الفتية إليه، حتى إذا كانوا قريبا منه أرسلوا إليه يقولون إنهم يريدون خدمته، والانقطاع إليه، فوثق بهم واطمأن إليهم. فبينما هو معهم في أحد الأيام إذ وثبوا عليه وأوثقوه وأخذوه للعامل الذي وجه به إلى الحجاج بن يوسف، فلما وصل ومثل بين يدي الحجاج ورأى الحجاج ثباته وقوة بيانه ورباطة جأشه قال له: يا جَحْدَر إني قاذف بك إلى الأسد في الحاجر، فإن قتلك فقد كفانا مؤونتك، وإن قتلته عفونا عنك.. فقال جَحْدَر: أصلح الله الأمير، قرب الفرج إن شاء الله.. فأرسل الحجاج لعامله أن يقوم بتجويع الأسد ثلاثة أيام، بعدها أخذوا جَحْدَر وأعطوه سيفاً وقيدوا رجليه بالحديد وألقوا به إلى مكان الأسد الجائع، فلما رآه الأسد نهض وزأر زأرة شديدة، فأقدم عليه جَحْدَر بن ربيعة بقلب ثابت وهو يرتجز:ليثٌ وليثٌ في مجالٍ ضَنْك ... كلاهما ذو قوةٍ وَسَفْكِوَصولَةٍ وبَطشةٍ وَفَتْكِ ... إنْ يكشِفِ اللهُ قِناعَ الشَّكِفأنتَ لي في قبضتي وملكيثم دنا من الأسد وضربه بالسيف ففلق هامته، فأعجب الحجاج به أكثر وخيَّره إما أن يعود إلى بلده وإما أن يبقى في صحبته، فاختار جَحْدَر صحبة الحجاج وأصبح من سُمًّاره وخواصه. بين كُثَيِّر وجميل* التقى جميل بثينة بكثير عزه، فتذاكرا النسيب، فقال كثير: يا جميل أترى بثينة لم تسمع بقولك:يَقيكِ جميلُ كُلَّ سوءٍ أَما لَهُلديكِ حديثٌ أَوْ إليكِ رسولُوقد قلتُ في حُبِّي لكم وصَبَابتيمَحَاسِنَ شِعْرٍ ذِكْرُهُنَّ يَطُولُ * فقال جميل: أترى عَزَّة يا كثير لم تسمع بقولك:يقولُ العِدَا يا عَزُّ قد حالَ دونكمشُجَاعٌ على ظَهرِ الطَّريقِ مُصَمِّمُفقلتُ لها واللهِ لو كانَ دونكمجَهَنَّمُ ما راعَتْ فؤادي جَهَنَّمُ وسلامتكم..