15 سبتمبر 2025
تسجيلإن التنشئة الإسلامية الحقيقية هي عملية تمرير للقيم الدينية والخلقية والثقافية من جيل إلى جيل، وبذلك تكون عملية حضارية تحمل في طياتها قيم علاقات التعامل الاجتماعي بين الأفراد كالصدق والتعاون والتكافل، فهي تتضمن عملية ضبط اجتماعي للفرد، فعن طريقها تتعلم الأجيال الجديدة الحقوق والواجبات داخل المجتمع، فتتحقق عن طريق اختيار العناصر الصالحة والتي تؤدي إلى رقي الفرد والمجتمع ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسة والمجتمع للأفراد من لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات ومهارات، فالحق سبحانه وتعالى خلق الإنسان واستخلفه في الأرض ليؤدي رسالته في الحياة فينعم بما وهبه الله من نعم، فالإنسان يعيش في هذه الدنيا بين حاجات يريدها وواجبات مفروضة عليه وأمنيات يتمناها وأحلام يسعى لتحقيقها وتختلف هذه الغايات والأهداف من شخص لآخر لعوامل عديدة كالبيئة والمجتمع والأسرة، والطفل كيان إنساني سليم وليس حالة خاضعة لنظريات تربوية قد تخطئ أو تصيب، فالأطفال هم سمة الحياة والشيء الجميل فيها، فهم يزينون الحياة بالبهجة والسعادة والتطور، لأنهم حماة المستقبل الواعد الذي سيأتون إليه بهمتهم ونشاطهم وحركتهم الدائمة التي تملأ البيت حبورا وسرورا.فطفلك الصغير هو مليكك المتوج في مملكة حياتك لأن ذلك من فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها فهم زينة الحياة الدنيا، فمع التطور التكنولوجي والتقنية الحديثة وسرعه نمو تقنية المعلومات تغيرت بعض هذه الأهداف والغايات منها للأفضل والآخر للأسوأ، لذلك أصبح للمحطات الفضائية تأثير كبير على العادات والقناعات والأفكار وهذا التأثير أدى إلى تغير هذه الغايات والأهداف واستغل أعداء الفكر السليم هذه المحطات، فأصبح يغزو أبناءنا وأطفالنا ويحاربهم عن طريق المسلسلات والأفلام الكرتونية التي نعتقد أنه مفيدة لأطفالنا وأنها لشغل أوقات الفراغ والترفيه عن النفس، ولكنها في الحقيقة تحمل في طياتها العديد من الأهداف غير المباشرة والتي تؤثر على عقول أبنائنا الباطنية فينحرف سلوكهم وتتغير وجهتهم وتسوء أفكارهم مما يكون له الأثر السلبي في تكوين الطفل ومعتقداته وهي في الأساس حرب على العادات سواء العربية أو الإسلامية فيزرعون الخيال في عقول النشء مثل كلام الحيوانات وكيف يطير الإنسان ؟ وكيف يتحول لوحش ؟ وكيف يطلق طاقات يفجر من خلالها الكواكب ويحرق الأعداء ويعيد الأموات للحياة وغيرها من الخرافات والخيالات وعلى صعيد الأفلام والمسلسلات يصورون العديد من الشخصيات والأفكار الدخيلة على مجتمعاتنا العربية بأنها واقعنا وعاداتنا ويطلقون عليها اسم الحرية وهي في الأساس حملات على العادات العربية لا يستخدمون فيها الأسلحة وإنما يستخدمون فيها سلاح إرسال الرسائل السلبية للعقول، فعندما أرادوا محاربة الحجاب جعلوا أبطال أفلامهم منزوعي الحجاب لنشر الفتنة لدى الشباب العربي وبداعي الحرية، وللأسف الشديد فهناك غزاة للفكر العربي من أصل عربي وهؤلاء خطرهم أشد، فشبكة المعلومات الإنترنت تعتبر الآن من أقوى مصادر وقواعد الغزو الفكري فبسهولة يستطيعون التأثير على مرتادي هذه الشبكة بوضع صور مخلة وإعلانات مدمرة ومواقع إباحية، وهناك العديد من الوسائل الأخرى التي تخدم أهدافهم وقد علمنا الهدي النبوي أن الطفل يولد على الفطرة السليمة ولكننا نؤثر عليه بالمعلومة والصورة المزيفة والتي تجعله هشا ضعيفا، ففيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)رواه البخاري، إذ يجب علينا الاعتقاد بأن الله تعالى قد منح الطفل من الملكات الفطرية والقدرات الأولية وبذلك التصور سيتحدد نوع تدخلنا في كيانه والذي يتجلى في وظيفة محددة هي الإنضاج والتنمية، فوظيفتنا تجاه الطفل هي تقديم يد المساعدة للطفل حتى ينضج تلك الملكات وينمي تلكم القدرات، وقد يجد الوالدان صعوبة في التكيف معهم والتعامل مع كافة متطلباتهم في هذه الحياة ولكن لا يتم ذلك إلا بإشاعة المودة والصراحة والصدق والأمانة وتعزيز الثقة بالنفس، فمتى كانت هذه المادة قوية متماسكة كانت جودة هذه اللبنة بقدر هذا التماسك ومتى كانت رخوة طرية كانت هذه اللبنة معيبة لا تصلح للبناء، فإن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق.