28 أكتوبر 2025
تسجيلقررت أن أفض الاشتباك مع الحيرة التي باتت تسكن عقول المصريين والمتجسدة في سؤال الساعة لمن تدلي بصوتك في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية يومي السبت والأحد المقبلين لمحمد مرسي أو لأحمد شفيق؟ فقد غادرتني هذه الحيرة بعد أيام من التفكر والدراسة ومتابعة الرؤى المطروحة في المشهد السياسي والأهم من كل ذلك بعد متابعة حثيثة وحميمية لطروحات كل من المرشحين سواء في برامج تلفزيونية أو عبر مؤتمرات وتصريحات صحفية وفي ضوء ذلك تيقنت أنني إذا كنت في حاجة إلى استمرار ثورة الخامس والعشرين من يناير فعلي أن اختار الدكتور محمد مرسي وليس الفريق أحمد شفيق وإليكم معطياتي أولا : مرسي هو بشكل أو بآخر جزء من منظومة الثورة صحيح أن جماعة "الإخوان المسلمون " لم تساهم في تفجيرها لكنها لعبت دورا شديد الأهمية في عمليات الإسناد لها خاصة يوم الثامن والعشرين من يناير وهو يوم الغضب المصري والذي قدم الإشارة الأولى على نجاح الثورة وكذلك في موقعة الجمل التي احتشد فيها شباب الإخوان جنبا إلى جنب شباب القوى والحركات الأخرى في مقاومة الهجوم المضاد الذي قادته مجموعات الحزب الوطني مستعينين في ذلك بالجمال والبغال والخيول فضلا عن السلاح الحي في محاولة مستميتة للقضاء على الثوار بميدان التحرير وهي الموقعة التي حدثت في الوقت الذي كان فيه شفيق يتولى رئاسة الوزارة باختيار من الرئيس السابق حسني مبارك عندما لجأ إليه ليحسن شكل النظام ولم يتحرك ساكنا بل يمكن اتهامه مع دوائر أخرى بالتواطؤ لقتل الثوار على النحو الذي جرى به ولاشك أن دور شفيق في هذه الموقعة سيكشف عنه بشكل واضح عندما تظهر كل الملابسات بهذه الواقعة الفريدة. ثانيا : إن محمد مرسي بالرغم من أي ملاحظات أو تحفظات عن دور أو أداء جماعة "الإخوان المسلمون "يجسد الرغبة الحقيقية في إجراء تغيير حقيقي في جوهر النظام السياسي المصري بينما صعود شفيق إلى الموقع رفيع المقام يؤشر بالضرورة إلى إعادة إنتاج النظام الذي ثار الشعب المصري وفي طليعته شبابه لإسقاطه وإزالته أيا كانت الطروحات والرؤى التي يسعى شفيق نفسه إلى تسويقها وآخرها خطابه المتهافت لشباب ميدان التحرير يوم الجمعة الفائت والذي حاول فيه استمالتهم إلى مشروعه الذي هو بالأساس محاولة لتحسين آليات نظام مبارك لأنه هو نفسه إفراز حقيقي لهذا النظام وظل لآخر لحظة يدافع عنه "وكان يعلن بعد سقوطه أن حسني مبارك أستاذه ومثله الأعلى.. فهل هذا الرجل يصلح أن يكون رئيسا لمصر خلفا للرئيس المخلوع، وهل ضحينا بأبنائنا وأحفادنا ومستقبل أبنائنا من أجل أن نعيد إنتاج النظام السابق" هذا الاقتباس من مقال للمستشار محمود الخضيري " ثالثا: إن فوز مرسي بموقع رئيس الجمهورية يعكس انتصار الثورة ووصولها إلى واحد من أهم أهدافها وهو تغيير واجهة النظام وهو ما سيقود بالضرورة إلى تغيير جوهره ومكوناته الأساسية , صحيح أنني في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية أدليت بصوتي لحمدين الصباحي بحسبانه يجسد روح ثورة يناير وأهدافها الأساسية الحرية والكرامة والعيش والعدالة الاجتماعية ولأنه لم يعد متاحا لي التصويت له بعد أن خسر ولكن بنتيجة أكدت أنه بات واحدا من رموز التغيير والثورة فى المحروسة ليس بوسعي إلا أن أمنح صوتي لواحد أكد انتماءه للثورة ولمبادئها وإن كانت منهجيته في تطبيقها مغايرة لمنهجية الصباحي في ظل ضمانات قدمها أكد فيها – مرسي أنه لن يعمل على إقامة نظام سياسي ديني التوجه أو بمعنى آخر دولة دينية وإن كان الإسلام سيشكل المرجعية لحكمه فضلا عن تقديم تطمينات للأقباط والمرأة وتأكيد حرصه على المواطنة ولكني أدعوه إلى أن يعلن ذلك من خلال برنامج واضح القسمات والمعالم ومحدد الخطوات والآليات حتى يقنع المتوجسين والخائفين من صعود مرشح جماعة "الإخوان المسلمون " إلى أعلى مواقع السلطة السياسية في مصر وذلك حتى يحرك المترددين باتجاهه ولإجهاض المحاولات القوية التي يبذلها شفيق لتقديم نفسه باعتباره مرشح الدولة المدنية. رابعا: أن شفيق يحاول أن يرتدي مسوح الثورة ويردد شعاراتها وخطابها المتهوج وقد حاولت أن أقنع نفسي به خاصة بعد أن عبرت الدكتورة هدى عبد الناصر ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عن تأييدها له فضلا عن مقال الدكتور أسامة غزالي حرب المفكر السياسي اللييرالي والذي أيده رئيسا للجمهورية لكنه فشل- خاصة عبر حواراته التفلزيونية – فى استمالتي إليه لقد وجدت نفسي وجها لوجه أمام رجل يظهر غير ما يبطن وأظن أن الجماهير لم تعد قابلة للغواية من خلال الكلام المعسول أو اللغة الفجة التي يستخدمها على نحو هابط متجليا ذلك في مفردات سيئة الدلالات والإشارات ناهيك عن تهديده لخصومه بأساليب أمنية مريبة بالإضافة إلى أنه شديد القابلية للاستفزاز وهو ما يعني قابليته لإصدار قرارات غاضبة. خامسا: إن الثورة ليست في حاجة إلى أحمد شفيق لأن الذين يقدمون له الإسناد اللوجستي والسياسي والإعلامي هم المنتمون للنظام السابق قلبا وقالبا وشكلا ومحتوى وجسدا وروحا وبعضهم ما زال قابضا على مفاصل الدولة المصرية بتجلياتها المختلفة وبعضهم الآخر يوجه من خارج المؤسسات الرسمية مستعينا بخبراته السابقة سواء في الحكومة أو في الحزب الوطني المنزوع الشرعية فضلا عن قبائل وعائلات في الوجهين البحري والقبلي كانت مصالحها خاصة الاقتصادية وصعود رجالاتها إلى سلطات الدولة مرتبطة بشكل أو بآخر بنظام مبارك فهل يمكن للمرء أن يمنح صوته لمنظومة ثرنا عليها ونعمل على استئصال جذورها في الواقع المصري بعد أن أودت بالوطن إلى مهالك السياسة والأمن والاقتصاد وغياب فعالية الدور الإقليمي؟ سادسا : سألجأ مرة أخرى إلى الاقتباس من مقال أخير للمستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب وهو بالمناسبة ليس إخوانيا ولكنه ليبرالي التوجه فهو يقول في معرض إضافة مبرر جديد لرفض منح المصريين لأصواتهم لأحمد شفيق: هل ضحينا بأبنائنا وأحفادنا ومستقبل أبنائنا من أجل أن نعيد إنتاج النظام السابق، وهل بلغ بنا كره الإخوان المسلمين إلى درجة أن نضحي بأبنائنا من أجل راحة إسرائيل.. هل تعلم يا أخي العزيز الدكتور أسامة – يقصد الدكتور أسامة غزالي حرب - أن أكثر الناس سعادة بانتخاب أحمد شفيق هم أهل إسرائيل وليس أهل مصر وإليك التعليقات الآتية من الزعماء الإسرائيليين على انتخاب أحمد شفيق تدليلا على صدق كلامي: -إعلان موشى يعلون نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يريد انتخاب أحمد شفيق رئيسا لمصر لأن ذلك معناه استعادة الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر وأنه يجب على العالم تعزيز حظوظه في النجاح في انتخابات الرئاسة. - بنيامين بن أليعازر الوزير السابق والنائب الحالي في الكنيست الإسرائيلي يؤيد انتخاب أحمد شفيق رئيسا لمصر ويعلن في القناة الأولى في التليفزيون الإسرائيلي الساعة 8 مساء الجمعة 25/5/2012 أن: «تراجع المصريين عن إلغاء صفقة الغاز أصبح احتمالا واقعيا واردا بعد تقدم شفيق». - شاؤول موفاز الوزير الإسرائيلي يؤيد انتخاب أحمد شفيق رئيسا لمصر ويعلن في إذاعة الجيش الإسرائيلي الساعة العاشرة صباح يوم السبت 26/5/2012 بعد صعود شفيق أنه يجب عدم الاستسلام لليأس وأنه بالإمكان تدارك ما فقدناه بخلع مبارك. أكتفي بهذا القدر ولعل الرسالة تصل إلى من يهمه الأمر السطر الأخير: أقيمك مملكة في فضاء الروح وبساتين القلب صانعة البهجة أنت تطلين على جسدي أتمدد في البلاد نورسا أتمدد في الأفق البعيد منتصرا عشقي