15 سبتمبر 2025

تسجيل

ملف دارفور في قبضة منبر الدوحة فقط لا غير

11 مايو 2014

قالت الحكومة السودانية بنبرة حاسمة إنه لا مجال للتحول عن منبر الدوحة كمرجعية وحيدة ونهائية فيما يختص بالحل النهائي لمشكلة دارفور، جاء ذلك على لسان الدكتور أمين حسن عمر، مسؤول ملف دارفور الرئاسي، الرئاسة السودانية بهذا التوكيد الحاسم ترسل رسالة نهائية إلى من يهمهم الأمر من المجموعات الدارفورية التي لم تجد لها موضع قدم في سوق مأساة دارفور لضآلة وزنها السياسي والاجتماعي الذي يعرفه المعنيون في دارفور أكثر من غيرهم. وتريد أن تلج في ما تعتقده سوقا كبيرا للغنائم اسمه قضية دارفور، ويعتقد هؤلاء أنه إذا تمكنوا من إثارة الكثير من الغبار والزوابع حول ما تم إنجازه في الملف الدارفوري في غيابهم، فربما فتح لهم ذلك كوة صغيرة تكفي لأن يلجوا منها إلى سوق المأساة الدارفورية الكبير، لينالوا نصيبا من كيكة الغنائم المبذولة من كل حدب وصوب حسب اعتقادهم وتصورهم الذي جعل، ويجعل من مأساة أهلهم في دارفور متجرا مفتوحا للارتزاق المادي والسياسي. رسالة الرئاسة السودانية تقول لهؤلاء إن القطار قد فاتهم، على قول الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، الذي كان يردده كثيرا في الرد على معارضيه الذين كانوا يرفضون قبول مقترحاته لحل أزمة اليمن التي انتهت بطرده من السلطة. صحيح أن قطار دارفور كان يجب أن يغادر محطات الترضيات الممتدة بلا نهاية منذ وقت بعيد. فانتظار قطار دارفور الطويل عند هذه المحطات كان ضرارا لم يبق شيئا ولم يذر شيئا من حياة شعب دارفور. وهو يمد حبال الصبر انتظارا لمزيد من المتسلقين الانتهازيين الذين صدق، ويصدق فيهم قول الشاعر السوداني الملهم، السفير محمد المكي إبراهيم، وهو يصف هؤلاء، الذين يبيعون المبادئ التي يتمشدقون بها عند أول مشتر بأنهم بشر من فصيلة "تلتقط رنة القرش في المريخ". لا جدال أن هناك بعض المخلصين وبعض الصادقين من أهل دارفور في ذمرة الذين أقبلوا على قضية أهلهم بإخلاص وتفانٍ لا يمكن المزاودة عليه. ولكن – مع الأسف الشديد – أن هناك مجموعات من الانتهازيين توالدت وتكاثرت مثل توالد وتكاثر الأرانب. وصار همها هو أن تستجدي الدخول في المتجر الدارفوري الذي حسبته، من غفلتها، مفتوحا على مصراعيه أربعا وعشرين ساعة لكل من استطاع أن يطرق الأبواب المشرعة. قرار الرئاسة السودانية بقفل هذا الملف على منبر الدوحة القائم والمفتوح منذ سنوات، وعدم السماح بفتح المزيد من المنابر بجانبه، هو قرار صائب. فقد انتقدنا كثيرا، ومازلنا ننتقد سعي الحكومة السودانية وراء الوساطات الأجنبية التي ما لبثت حتى حولت بلادها إلى حديقة دولية وإقليمية على الشيوع. وكانت النتيجة القاصمة لظهر الوطن أنه فقد جنوبه ولم يحصل على السلام كما كان يشتهي وينتظر. لقد أغلقت الحكومة الباب أمام الانتهازيين الذين يريدون العودة بالملف الدامي إلى نقطة البداية فقط لكي يتاح لهم اللحاق بقطار ظنوه، من باب الغفلة، أنه قطار بلا وجيع. يتحرك ويتوقف نزولا عند رغبات المتسوقين في سوق الأحلام الوردية. الجهود المضنية، والصادقة، والمخلصة، التي بذلتها دولة قطر الشقيقة من أجل إنسان دارفور، وعطاؤها الزائد في كل المجالات من أجل الوصول بملف دارفور إلى نهايات سعيدة تترك وراءها بحورا من الدماء والدموع، تلك الهمم هي أكبر من همم بعض أصحاب الرغبات الصغيرة هنا وهناك. وهذا ما عناه وما قاله صراحة وتلميحا قرار الرئاسة السودانية بقفل ملف دارفور على منبر الدوحة توفيرا للوقت والجهد والدموع والدماء، وتقديرا للجهود الصادقة التي بذلها الأشقاء القطريون.