طـفـل عـمـلاق فـي جـامـعـة قـطـر

الطفولة مظلة كبيرة يقف تحتها العديد من المصطلحات والقضايا والأصول التربوية والاجتماعية والنفسية، الطفولة مرحلة حياتية مهمة لكل من الطفل نفسه والوالدين، ومهما اختلفت المجتمعات والثقافات، فإن الكل يجمع على حساسية مرحلة الطفولة وجمالها، ويبذل الغالي والنفيس في سبيل إدخال السرور في نفس الطفل، ورؤية ابتسامته والاستئناس بضحكاته. من الأمور التي تسعد الأم رؤية ابنها يتطور نمائيا وعقليا وسلوكيا في مرحلة الطفولة المبكرة، وجميعنا يفرح عندما ينطق الرضيع كلمة "ماما"، أو يبتسم الطفل في وجه والديه عندما يقولون له "تاتا" أو يتشبث بملابس أبيه إذا هم بالخروج مطالبا إياه بالبقاء أو المشاركة في الطلعة. ان تتبع التطورات التي يمر بها الطفل يشغل الآباء بشكل مباشر ما دام الطفل لم يصل إلى سن الحضانة والروضة، لأنه حينها ستشارك المعلمة الوالدين في هذا التطور، فهي سترعاه بشكل علمي منهجي مخطط. معلمة الروضة هي أكبر من مجرد مهنة أو وظيفة، لأنها رسالة في صناعة الإنسان، وتشعر المعلمة بالمسؤولية الجسيمة في بناء السلوكيات الأساسية في الطفل وكذلك القيم والمبادئ وأصول الدين والعقيدة. معلمة الروضة هي من تتحمل الفروق الفردية في سلوك الأطفال وأمزجتهم وخلفياتهم وتتعامل وفق ذلك؛ فتصمم لكل طفل الخبرة التي تتناسب مع ميوله وتقدم المعلومة نفسها للأطفال المختلفين بطرق مختلفة، فهي تصمم الأنشطة المختلفة وتبني اتجاها إيجابيا لدى الطفل نحو الروضة والتعلم وحب الحياة. الله يعطيها ألف عافية. من منا لا يذكر معلمة الروضة حينما كان صغيرا؟ من منا لم يتعلق فكره بواحدة من معلمات الروضة واعتبرها قدوة حياته؟ من منا لم يسم ابنته الصغيرة على اسم معلمته في الروضة التي كانت تحنو عليه ويبدو من سلوكها كأنها تعمل لذلك الطفل وحده؟ نعم فمعلمة الروضة مهندسة العقول الطرية التي تقوم بصياغة تلك الأدمغة كي تتلاءم مع ثقافتنا وديننا وخصوصية مجتمعنا، وهي بالوقت نفسه تطرح الأنشطة والتمارين المجدولة التي تتناسب مع المرحلة العمرية لهذه الفئة. لو فكرت قليلا لأيقنت أنك تحن أحيانا لمرحلة الطفولة، لأنه ما زال داخل كل واحد منا طفل كبير خفي، يشتاق أن يمارس ما يمارسه الأطفال من لعب وخربشات وفوضى، وقد يكون من أصعب المهن على الإطلاق مهنة المربي الذي يتعامل مع الأطفال الصغار ليخلق منهم عمالقة يقودون عجلة التنمية في البلد لاحقا، فلا عجب أن ترى انتشار رياض الأطفال في قطر بشكل كبير ومدعوم. أما مركز الطفولة المبكرة بجامعة قطر فهو صرح ثقافي علمي يقوم بهندسة البراعم من أطفال منسوبي الجامعة من الموظفين وأعضاء هيئة التدريس والطلبة أنفسهم، كما يستقبل من غير أبناء منسوبي الجامعة وفق ضوابط محددة، هذا الصرح المميز الذي صمم وفق الهندسة العلمية المناسبة بما يحقق أهداف الطفولة، يقع داخل الحرم الجامعي تقوده الدكتورة فاطمة المعضادي وفريق عملها الرائع الذي يؤمن برسالة المنهج الإبداعي في تعليم الأطفال، ويطبقونه سواء أكان الأطفال يحضرون داخل المركز نفسه أو افتراضيا عن بعد في زمن كورونا. كما أن هذا الفريق منفتح على كافة التجارب العالمية الناجحة في رعاية واحتضان الأطفال مثل المنهج الياباني القائم على العلوم المرحة، فيتخرج الطفل عملاقا من هذا المركز ليكون متهيئا للالتحاق بالمرحلة الابتدائية النظامية وهو ذو عقل منافس. كما يصدر المركز مجلة دورية شاملة تعنى بشؤون الطفولة وارشاد أولياء الأمور وتعرض آخر المستجدات العالمية في التعامل مع الطفل في هذه المرحلة المبكرة من عمره. آخر المطاف: يوجد في كلية التربية بجامعة قطر مسار الطفولة المبكرة الذي يعد معلمات مختصات في التعليم في الروضة، ويتدربن عمليا في مركز الطفولة المبكرة التابع للجامعة أو أي رياض أخرى. أرفع العقال لطالباتنا معلمات المستقبل. همسة: اللحظات الجميلة لا تعني أين تكون، ولكنها تعني مع من تكون. دمتم بود. [email protected]