19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حادثة مقتل الطالب الإيطالي "ريجيني" في مصر، والتي أدت إلى توتر العلاقات بين مصر وإيطاليا، بسبب غموض الجريمة، وشكوك الإيطاليين في أن وراء الجريمة أشخاص لهم صلة بالأجهزة الأمنية المصرية، كشف لنا حقيقة قيمة الإنسان الغربي والمواطن العربي عند حكومة بلده.فإيطاليا متجهة إلى تصعيد دبلوماسي كبير في حال ثبوت تورط الحكومة المصرية في الجريمة، فالمواطن عندهم له قيمة عالية ولا يمكن السكوت عن إهدار دمه أو الانتقاص من حقه، بينما في بعض دولنا العربية المواطن ليس له قيمة لا في وطنه ولا خارجها.من أمثلة ذلك ما نقلته بعض وسائل الإعلام من أن محامي "ريجيني" عرض أمام وفد التحقيق المصري -الذي وصل إلى إيطاليا من أجل متابعة القضية- مقطع فيديو للرئيس المصري الحالي وهو يقول لمجموعة من كبار ضباط العسكر، بأن الضابط الذي سيقتل متظاهرًا لن يُحاسب!! (المقطع موجود على اليوتيوب). فكان رد الوفد المصري: "أن الرئيس كان يقصد المصريين فقط"!! قارنت رد الوفد المصري -إن ثبتت الرواية- مع كلمة عمر بن الخطاب المشهورة: "لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني عنها ربي لِمَ لمْ أسوِّ لها الطريق". يخشى "الفاروق" أن يُسأل عن تسوية الطريق لدابة وليس إزهاق نفس مسلمة.تذكرت مع رد الوفد المصري كيف احترم الرسول عليه الصلاة والسلام كرامة أصحابه وحقوقهم، يوم أن دفع عليه الصلاة والسلام أحد الصحابة وهو "سواد بن غزية" في بطنه وهو يعدل الصفوف قبل غزوة بدر، فقال الصحابي: أوجعتني يا رسول الله، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: استقد. (أي خذ حقك).فقال الصحابي لقد طعنتي وليس على قميص، فكشف عليه الصلاة والسلام عن بطنه، وقال: استقد، فاعتنقه الصحابي، وقبّل بطنه،...إلى آخر الحادثة.تأملت كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يسمح لأحد من أصحابه أن يُهين أحدًا أو يحُطّ من قدره، عندما جاءه بلال بن رباح يشتكي من إساءة أبي ذر له، حين قال له: "يا ابن السوداء" فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام مستنكرًا مستهجنًا: "أعيّرته بأمّه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية".لقد جال في خاطري ذلك الموقف الرهيب في احترام آدمية الإنسان حتى ولو لم يكن مسلمًا، عندما أتى القبطي المصري يشتكي للخليفة عمر بن الخطاب من ضرب ولد والي مصر "عمرو بن العاص" له بسبب تغلّبه عليه في سباق للخيل.وكيف أن الفاروق استدعى عمرو بن العاص وولده، وجعل القبطي يضرب ولد الوالي، وقولته المشهورة لعمرو بن العاص: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". قَتَل أسامة بن زيد رجلًا في إحدى الغزوات، وكان الرجل في جيش المشركين لكنه نطق الشهادة قبل القتل.فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بالحادثة، استنكر على أسامة فعله، وكيف له أن يقتل رجلًا قد نطق الشهادة، فكان أسامة يبرّر فعله بأن الرجل إنما نطق الشهادتين خوفًا من السيف، وكان رد الرسول عليه الصلاة والسلام: "فهلا شققت عن قلبه فنظرت ما فيه؟". كم يعتصر القلب كمدًا عندما يرى كيف يُهان بعض المواطنين العرب في أوطانهم، وكيف تُنتقص حقوقهم، وكيف يُعتدى على حرماتهم أمام أعينهم، وكيف يُجبر على توقيع ورقة فيها اعتراف بانتحار ولده، الذي قُتل على أيدي العسكر من أجل استلام جثته كي يتمكن من دفنها!! وكيف تهان المرأة العربية المسلمة وتنكسر ذليلة خاضعة فتُقبّل حذاء جندي أو شرطي حقير، كي يُطلق سراح ولدها، أو يترك لها بضاعتها التي تقتات وأولادها منها.لقد أُهين المواطن العربي خارج بلده، لأن دولته لم تحترمه، ولم تجعل له قدرا ووزنا، وفرّطت بكرامته وجعلت الصمت عن إهدارها -في الخارج- ثمنًا بخسًا مقابل فتات المعونات التي تقدمها الدول الغربية أو حتى العربية.فمتى تُحفظ للمواطن العربي كرامته؟ ومتى يحصل -حتى- على حقوق البغلةِ في عهد الفاروق عمر؟