30 أكتوبر 2025

تسجيل

بعد 12 عاما على الاحتلال.. مازال العراق يشتعل؟

11 أبريل 2015

من الناحية الموضوعية الصرفة يصعب الحديث عن الوضع العراقي دون التطرق لتراكمات تاريخية سابقة، بعضها بعيد جدا، وبعضها قريب!، فمع الذكرى السنوية الثانية عشرة لسقوط النظام العراقي السابق ليس بثورة شعبية عارمة ولا بربيع عراقي عاصف وصرف بل على أيدي الجيش الأمريكي في سابقة نادرة في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر!، يظل العراق مالئ الدنيا وشاغل الناس، في مفاجآته التي لا تنتهي، وفي سيناريوهات الرعب المنطلقة من بين أحضانه!، وفي استحضار كل روايات وخرافات وأحاديث التاريخ، في بغداد الأزل يتجدد النقاش بين الجد والهزل!، فدخول الجيش الأمريكي لأول عاصمة عربية بعد دخول الجيش الإسرائيلي لبيروت عام 1982 وإسقاط نظامها السياسي بل وتدمير كل مقومات الدولة العراقية وتحويلها لأشلاء كان نتيجة مرعبة لعراق كان مشتعلا ويعيش حالة الحروب ومخاضاتها المؤلمة منذ خريف عام 1980 حينما أعلن نظام صدام حسين الحرب على إيران في 22 سبتمبر من ذلك العام مدشنا مرحلة جديدة في تاريخ العراق السياسي الحديث بعد أن تمكن من الإنفراد التام بالسلطة والسيطرة الكاملة على حزب البعث الحاكم في صيف 1979 في مجزرة الرفاق المعروفة، ومن ثم تحويل العراق لدولة الحزب الواحد والرجل الواحد والقرار الواحد وهي الصيغة النازية القديمة المنبوذة والتي وجدت انطلاقتها الجديدة في عراق صدام حسين!، الرجل اليوم في ذمة الله والتاريخ، ولكن تقويم الأحداث من الناحية العلمية الصرفة لابد أن يخضع لدراسة عقلية مستفيضة تؤدي بنا لنتائج واضحة لما يمكن لعقلية وقيادة الفرد الواحد أن تفعل من كوارث في الشعوب والمجتمعات، لقد كان العراق ومنذ إسقاط الشرعية الدستورية في انقلاب 14 يوليو 1958 العسكري الدموي الأسود يعيش مخاضات صراع داخلي عنيفة انعكست مؤثراتها من خلال حالة عدم الاستقرار السياسي والانقلابات المستمرة والفشل التام في بناء نموذج الدولة الحديثة والدخول في متاهات الصراعات الحزبية والانقلابية التي استهلكت كل طاقات العراق وحطمت أسسه التنموية وأدخلته في صراع إقليمي شرس كان شعبه في غنى تام عن تداعياته، فعسكرة المجتمع والدخول في حروب عشوائية وتسخير موازنة الدولة للصرف على تلك الحروب قد ضيع على العراق فرصا تاريخية لمغادرة قطار التخلف، ففي عام 1977 وبشهادة اليونسكو كانت الأمية في العراق في طريقها للاندثار، وكان النظام التعليمي العراقي من أرقى الأنظمة في العالم الثالث، ولكن بعد عقدين ونيف من السنين تحول العراق لأكبر مستنقع للأمية في العالم وبشكل أجهز على كل تضحيات العقود الأخيرة من التنمية، العراق اليوم يعيش كارثة تدميرية حقيقية من الداخل، فنسبة الجهل قد تضخمت لدرجة مرعبة، كما أن النخب السياسية الحاكمة التي جاءت بعد الاحتلال والتي نشأت في كنفه هي نخب رديئة ومتهاوية وسقيمة وأجهل من الجهل ذاته، أما حالة الإنتاج والفكر في العراق فهي مروعة بالكامل، فالوزراء أميون والنواب لا تتعدى دراستهم المرحلة الابتدائية والجهل سيد الموقف؟ فكيف لدولة بهذا المستوى من القيادات أن تنهض؟ التزوير سيد الموقف، والاحتلال الأمريكي للعراق لم يأت أبداً بخطة مارشال ولا بأي خطة تنموية حقيقية بل جاء بمافيات وعصابات مدعومة من الخارج وتحديدا من الجانب الإيراني المترصد للموقف العراقي والساعي للانتقام والهيمنة، والعناصر المحسوبة على النظام الإيراني ومؤسساته الأمنية والعسكرية هي من تقود الموقف في العراق اليوم وبوضوح تام، لقد ترك العراق بعد الاحتلال ليعيش في منطقة الفوضى الخلاقة ليتم إنتاج كل هذا الكم الهائل من الخراب؟.. فبعد ثلاثة عشر عاما من ذلك الاحتلال لم يبق من العراق سوى بقايا دولة تحاول لملمة أجزائها المتناثرة، لقد نهب الرعاع في العراق صبيحة التاسع من أبريل 2003 كل شيء في العراق باستثناء (وزارة النفط)!! التي تمت حمايتها!، ومازال النفط العراقي يتدفق لأسواق العالم بنفس مستوى احتراق الجثث في العراق!!؟.. والحر تكفيه الإشارة؟! في الفم ماء كثير، وفي القلب غصة ولوعة.. إذ مازال العراق يشتعل في حروب (داعش وماعش... والغبراء)!. وتلك هي المأساة!