27 أكتوبر 2025

تسجيل

السودان: انتخابات لا تجزأ!

11 أبريل 2015

انقضى عام 2014 والشعب السوداني ينتظر في لهفة أن تتمخض مبادرة الرئيس البشير التي طرحها في السابع والعشرين من يناير، وأعلن فيها عن مشروعه للوفاق والتراضي الوطني للخروج ببلاده من أزمتها التي قال إنها طالت واستطالت بلا لزوم. وكما هو متوقع، فقد نبح الإعلام الحكومي الموجه بالمشروع الرئاسي بما لا مزيد عليه من النبيح حتى تجسد مشروع الرئيس في المخيلة الشعبية لوحة زاهية لواقع جديد في السودان سيتم الوصول إليه عبر بوابة التراضي الوطني التي ستكون مشرعة الأبواب، ليدخل منها وضع انتقالي وفاقي يتشكل على أثره واقع سياسي جديد في البلد الذي ظل ينتظر هذا الواقع الجديد لأكثر من ربع قرن من الزمن هي عمر السودان تحت قيادة الرئيس البشير التي أقل ما يقال عنها إنها قيادة بالقبضة الأمنية القاسية. جسد الإعلام الحكومي صورة زاهية لهذا السودان المنتظر بناء على تلميحات أطلقها الرئيس في خطابه للشعب السوداني الذي ضمنه مبادرته للوفاق الوطني والذي أطلق عليه الإعلام الحكومي اسم خطاب الوثبة. وأصبحت صورة السودان القادم في المخيلة الشعبية هي سودان ألغيت فيه القوانين المقيدة للحريات، ويسود فيه دستور جديد يكتبه الشعب بكامل إرادته الحرة. وتؤول فيه السلطة إلى من يختاره الشعب في انتخابات حرة ونزيهة في عودة جديدة إلى الموروث السوداني الديمقراطي القديم الذي كم بهر عالمه ومحيطه بتجربته الديمقراطية الأولى بعد نيله لاستقلاله في العام 1956. تلك هي الصورة التي بشرت بها مبادرة الرئيس الوفاقية في السابع والعشرين من يناير 2013. ولكن عام البشارة ذهب بضجيجه العالي دون أن يرى الشعب أي طحين. ثم جاءت المفاجأة عندما استدار الرئيس مائة وثمانين درجة عن مبادرته الوفاقية. وحين استبدلها بتعديلات دستورية وقوانين خاصة جديدة تضمن له السيطرة على كامل جهاز الدولة. وحين قرر تنظيم انتخابات جديدة لا ينافسه فيها أحد بعد أن رفضت كل القوى السياسية الحية الدخول في انتخابات معروفة النتائج سلفا. وكان أن نسي الرئيس الوفاق الذي دعا إليه القوى السياسية في مبادرته. ودخل مع هذه القوى في مهاترات ومعارك كلامية قاسية أدهشت المراقبين لجهة الاستدارة السريعة نحو الاستقطاب والتشرذم السياسي الحاد الذي عاد أكثر عنفا وحدة مما كان عليه الأمر قبل طرح مبادرة الرئيس الوفاقية. ومضى الرئيس منفردا ورتب لا (انتخابات) معروفة نتائجها سلفا بعد أن أعد قوانينها منفردا. وشكل أجهزتها الإدارية والفنية منفردا، ووزع دوائرها منفردا. ثم قالت لمنافسيه هيت لكم. وفي ظل مقاطعة كل الأحزاب الحية وقطاعات كبيرة من الشعب سيعلن فوز الرئيس السونامي وفوز حزبه فوزا سوناميا. وسوف تسوء أوضاع السودان السياسية، وسوف يتسع فتق الحالة السودانية ويستعصى على الراتق، ولن يكون لدى الشعب السوداني المحب للديمقراطية من عزاء غير التلفع بالصبر الجميل. والنظر الآمل في الأفق البعيد.