15 سبتمبر 2025

تسجيل

ثأر السكان الأصليين

11 أبريل 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ أن وطأت قدما الرحالة المغامر "كريستوفر كولومبوس" أرض العالم الجديد، التي كان يعتقد أنها جزر الهند الغربية، أو جزر البهارات كما كان يسميها في مذكراته، لم تعرف تلك الأرض السلام أبدا، ولم تعد هي تلك الأرض الحرة التي يعيش أهلها في تجمعات صغيرة قرب الأنهار، أو في أعماق الغابات، ويتمتعون بخيرات ومساحات شاسعة نعموا فيها بالحياة الرغدة، حتى جاء المستعمرون البيض ليبيدوهم ويستولوا على أرضهم.لكن لعنة سكان أمريكا الأصليين سرعان ما أصابت "كولومبوس"، وإن لم يكن تعبير "اللعنة" معروفا في ذلك الوقت، ولم يكن هناك من يؤمن بوجودها، فإن الكثير من الباحثين بدأوا يؤمنون بها، خاصة في حالة "كولومبس" ورجاله الذين رافقوه في رحلاته الثلاث، ومن تبعهم بعد ذلك من المغامرين الباحثين عن الذهب والفضة والجاه. فتكت الأمراض الغريبة والمجهولة بالكثيرين من بحارة "كولومبوس" أما ما أصابه هو فكان أخطر من المرض وأكثر تعذيبا له ولروحه، حيث تم عزله من عمله بفعل وشايات انتشرت في بلاط الملكة الكاثوليكية "إيزابيلا" التي قررت التخلص منه بإبعاده عن مهماته وإسناد باقي الرحلات لآخرين، ليظل "كولومبوس" معزولا يعيش وكأنه بحار مجهول إلى أن مات، في العام 1506م، وحسب الرواية الإسبانية فإنه مات في بلدة شمال مدريد، وفي العام 1878م نقلت رفاته إلى كاتدرائية سانتا ماريا في إشبيلية، لكن جمهورية الدومينيكان تدعي أيضا أنه مدفون في أرضها، وتقول إنها عثرت على رفاته في صندوق، ودفنتها فيما يعرف بـ"فنار كولومبوس".قبر مشتت بين بلدين يفصلهما محيط، وتبعد إحداهما عن الأخرى 8000 ميل، والأسوأ أن كولومبوس، بعد أن لفظه البلاط الملكي الذي فتح أبواب خزائنه لاستقبال آلاف الأطنان من الذهب والفضة القادمة من الأرض المكتشفة، بدأت الشائعات تتهمه في نسبه، وهناك كثيرون شككوا في أنه إيطالي الأصل من البندقية، والبعض الآخر أكد أنه "لقيط". أما من اعتبروه بطلا فحاولوا الدفاع عنه من خلال تأكيدهم بوثائق كثيرة، تحوم الشبهات حول مصادرها، أنه ابن غير شرعي لأحد أمراء العائلة المالكة، وهناك من قال إنه "يهودي"، مستدلا بما كتبه رفاقه عن عاداته الشخصية التي "يُعْتَقَد" أنها عادات يهودية، مع أنه يمكن أيضا وصف تلك العادات بأنها "إسلامية" في الملبس والمأكل، خاصة أن هناك وثائق صحيحة تؤكد استعانته ببحارة موريسكيين، من مسلمي الأندلس الذين أجبروا على إظهار التنصر بعد استسلام غرناطة للكاثوليك. وهناك من يحدثنا عن أن "كولومبوس" حين فكر في مشروعه الذي أدى إلى اكتشاف أمريكا، توجه به ـ أولاً ـ إلى "أبو عبدالله الأحمر" آخر ملوك المسلمين في الأندلس، لكن وزيره الفاسد طلب من "كولومبوس" رشوة لم يقدر عليها، فعجز عن مقابلة الملك، وضاع على المسلمين أن يكونوا رعاة الاكتشاف، ولنا أن نتصور أي انقلاب تاريخي كان يمكن أن يحدث لو اكتشفت أمريكا برعاية المسلمين! ووصلت لعنة السكان الأصليين لدرجة أن هناك من يشكك في أن رفات كولومبوس تنتمي إليه. وحتى يمكن الخروج من دوامة الشك قرر عدد من باحثي الطب الشرعي في غرناطة، في العام 2002، فحص ما يعتقد أنه رفات كولومبوس، ومقارنة "الحمض النووي" بعينات مأخوذة من رفات ابنه "هيرناندو"، وأيضا رفات شقيقه "دييجو" المتوفى في العام 1515م، وكلاهما مدفون في إشبيلية. وحتى الآن لم يعلن الباحثون أي نتائج، لكن النتيجة ـ أيا كانت ـ لا تعني شيئا لسكان أمريكا الأصليين، ولن يعيد اكتشاف الجثة الحقيقية لكولومبوس الحياة للملايين الذين فقدوا حياتهم على أيدي بحارته، ومن جاء بعدهم.