16 أكتوبر 2025
تسجيلأن تطمح دولة ذات اقتصاد ريعى بحت للتحول لدولة ذات اقتصاد معرفى فهذا طموح ووعى عميق يدل على ان هذه الدولة تشهد تحولات حقيقية كبرى ستجعل منها مستقبلاً احدى الدول التى تحقق تقدماً اقتصادياً وعلمياً ملحوظاً، ويمثل هذا الطموح مستوى لا يماثله أى طموح بين الدول ذات الاقتصاديات الريعية الأخرى والقائمة لعقود على بيع وتسويق سلعة واحدة وهى النفط، وبما أن الدول العربية النفطية معظمها تعتمد اقتصادياتها على بيع وتسويق النفط دون الانتاج والتصنيع أو تنويع مصادر الدخل والاعتماد على الاستيراد فقط لاشباع الحاجة للاستهلاك فهى اذن جميعها اقتصاديات ريعيةوقد عرّف العالم الاقتصادى الانجليزى آدم سميث الريع بانه دخل يحصل عليه الشخص بدون جهد أو مشقة (أى حصاداً دون زراعة).وقد تحدث العلامة العربى الكبير ابن خلدون فى مقدمته الشهيرة عن الاقتصاد الريعى حيث ميز ابن خلدون بين نوعين من الأنشطة الاقتصادية وأطلق على النشاط الأول المعاش الطبيعى المقترن بالكد والجهد والتعب وهو الكسب الذى يستفيد منه البشر نظير أعمالهم وجهودهم وهو أساس العمران والتقدم.والأنشطة الأخرى التى أطلق عليها المعاش غير الطبيعى والذى هو ابتغاء الأموال فحسب (مثل الحصول على المال من الدفائن والكنوز) ومثل هذه الأنشطة والتى هى من مصادر الرزق وليس الكسب والتى لا يعول عليها كثيراً من أجل الارتقاء بالعمران.وطموح قطر وسعيها الجاد فى أن تتحول الى دولة ذات اقتصاد معرفى متطور قائم على البحث العلمى والمعرفى وتوظيف هذا البحث العلمى لتحسين نوعية الحياة بمجالاتها المختلفة والاستغلال الأمثل للتكنولوجيا واستخدام العقل البشرى كرأس للمال وذلك لتحقيق التنمية المستدامة كهدف أعلى بمعناها الواسع.ومن أجل هذا تسعى دولة قطر لتطوير نوعية ومستوى التعليم وانشاء بنية مجتمعية داعمة لعملية التحول الطموح هذه.وبدلاً من يبدأ الطموح القطرى من البداية حيث الاقتصاديات تسلك طريق التقدم الصناعى مثلاً والقائم على انتاج السلع يتحول الانتاج هنا الى انتاج وصناعة الخدمات المعرفية التى تمثل مرحلة عليا من مراتب التطور الاقتصادى.فهذا الطموح والسعى الجاد لمثل هذا التحول الكبير فى الاقتصاد القطرى والذى سيثمر كنتيجة حتمية التغيير الجذري والثوري فى نظم التعليم والنظرة الاجتماعية للعمل كقيمة عليا وما يعنى ذلك من تحول كبير فى المجتمع القطرى نحو الانتاج والابداع وليس الاستهلاك فقط والركون للراحة والسهولة.