14 سبتمبر 2025

تسجيل

الإنسان والسلوك والعادات

11 مارس 2024

يقال بأن أعقد مخلوق في هذا الكون هو دماغ الإنسان والذي يزن عادة كيلو ونصف الكيلو، ومن جوانب تعقيده الملايين والملايين مع العصبونات أو الخلايا العصبية، مما يمكنه من القيام بالكثير من الأعمال والوظائف والأوامر الكثيرة التي تجري في الدماغ من الأفكار والمشاعر والخيالات والعادات والسلوكيات والكلمات والذكريات.. ومن المواضيع الهامة التي تهتم بها علوم الصحة النفسية المختلفة موضوع تغيير السلوك وتعديله، كعادات ونمط حياة، حيث قد تتأصل عند الإنسان بعض العادات وأنماط الحياة اليومية، والتي تصبح مع الوقت سجنا يكبلُ صاحبَه، ويمنعهُ من ممارسة حياته بشكل طبيعي بعيداً عن هذه العادات والسلوكيات والأنماط. من المعروف أن الإنسان قد يتحكم به سلوك معين يكررّه حتى يصبح عنده «عادة»، فقد يعتاد مثلا أن يأكل في ساعة معينة، وينام في ساعة محددة، ويشرب القهوة أو غيرها متى شاء، وربما أصبحت عنده بعض السلوكيات السلبية «عادات» يعتقد بأنه لا يستطيع الاستغناء عنها أو حتى تغييرها. ومن الطبيعي أن الإنسان يرغب أحيانا بتغيير سلوكه للأصلح، إلا أنه قد يعجز أو يضعف عن القيام بهذا التغيير، فلماذا يا ترى؟ ومن أسباب صعوبة تغيير السلوك والعادات أنه قد أصبح لهذه العادات في دماغ الإنسان ارتباط عضوي فيسيولوجي، وليس مجرّد شيء نظري مجرّد. ولهذا نرى أنه ليس من السهل تغيير السلوك، وخاصة الذي تكرر فأصبح عادة، وبالتالي فكل المحاولات المتسرعة لتغيير هذا السلوك والعادات، أو كثير منها، الغالب أن مصيرها الفشل، ولهذا نجد الكثير من الناس يحاولون الإقلاع عن عادة أو عمل معين، إلا أنهم يجدون صعوبة كبيرة في تحقيق هذا أو الاستمرار عليه لمدة طويلة. وإذا ما أراد الإنسان تغيير عادة أو سلوك ما لكونه سلوكا سلبيا أو ضارا، فمن المفيد أن نعرف أن العقبة الأكبر أمام نجاح هذا الإنسان في تغيير سلوكه هذا إنما هو الإنسان نفسه، وليس الناس من حوله، وليست البيئة الخارجية أو الظروف، فالعوامل الداخلية هي الأساس! وكما يقول الله تعالى «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» (الرعد 11).