11 سبتمبر 2025
تسجيلالصورة الذهنية السائدة للموظف الحكومي هي أنه موظف على درجة متواضعة من الذكاء ودرجة عالية من التسيب، موائد الإفطار وشرب الشاي وقراءة الجرائد وعدم الرد على المكالمات الهاتفية ووقت الصلاة علامات ارتبطت بصورته الذهنية لدى الجمهور، هل هذه الصورة الذهنية صحيحة؟ وهل جميع موظفينا الحكوميين بهذه الصورة؟ إجابة التساؤل الأول هي نعم، توجد مثل هذه الصورة الذهنية لدى الجمهور بدرجة أو بأخرى عن الموظف الحكومي، أما إجابة التساؤل الثاني: هل جميع موظفينا الحكوميين بهذه الصورة فهي قطعاً لا؛ لدينا موظفون متفانون فيما أوكل لهم من أعمال ووجودهم في أماكنهم ثروة للوطن، وحمل مثل هذه الصورة الذهنية عنهم لهو من عظيم الظلم. ولكن من أين وكيف تكونت هذه الصورة الذهنية عن الموظف الحكومي عند الجمهور؟. تتكون الصور الذهنية بالتكرار، فعند ذهاب المراجع لأكثر من وزارة حكومية وتعامله مع موظفين مختلفين في الأسماء متشابهين في التصرفات ترسخ مثل هذه الصورة للموظف وتصبح نمطاً متعارفاً عليه، ولكن ما الذي تسبب في مثل هذه التصرفات لدى عدد ليس بالقليل من الموظفين الحكوميين؟ كيف تحول انسان مفعم بالعطاء إلى مخلوق روتيني يملأ ساعات عمله بالأكل والشرب وتبادل الحديث والزيارات المكتبية والصلاة؟!. في غياب مساحة الإبداع في العمل الحكومي، واحتكار الصلاحيات في يد عدد محدود من الموظفين في الإدارات، وتقييم الموظف فقط من زاوية ساعات الحضور والإنصراف يجد الموظف نفسه مجبراً على ملء هذه الساعات بما يمكنه عمله، ولست هنا لتبرير أو إيجاد عذر لمثل هؤلاء الموظفين ولكنها حقيقة إنسانية، هناك عدد كبير من الموظفين الذين يتمنون عمل المزيد أو التجديد في العمل فيتفاجأون بردة فعل جامدة بيروقراطية فيؤثرون السكون عاملين بالمثل القائل ( أربط الحمار مطرح ما يعوز صاحبه)، بمرور الوقت وحتى السنين يتحول هذا الإنسان إلى ما نراه في كثير من وزاراتنا الحكومية. الجمهور هو نحن والموظفون أيضا نحن، وتحول الموظفين إلى هذه الصورة النمطية ناتج من اعتماد التقارير السنوية على ساعات العمل عوضاً عن معدل الإنتاج، أعتقد أن العبرة بالإنتاج والإبداع وليس عدد ساعات العمل التي قضاها موظف على مكتب يحتسي الشاي ويقرأ الجرائد اليومية، وكيف للمبدع أن يبدع وهو سجين ساعات محددة ومكتب وجدران وخروجه بدون إذن يعتبر من عظائم الأمور الإدارية، ناهيك عن خصومات راتب موظف مدني لا يكاد يغطي تكاليف معيشته وأسرته، إن قضاء الموظف القطري لأموره الشخصية كحضور اجتماعات مدارس أبنائه أو إتمام بعض معاملاته الشخصية في وزارات أخرى فيه نفع على الموظف وعلى المجتمع أكبر من سجنه ليحتسي كوب شاي تلو الآخر. يشتري كثير من الموظفين راحة عقولهم، وراحة عقولهم لفترة زمنية ينتج عنها تأخر هذه العقول عن الركب في عالم يتدافع تدافعا نحو التقدم، نطلب من ابنائنا الإبداع ولا يتأتى الإبداع بدون حرية، أعتقد أن نظامنا الإداري هو المسؤول الأول عن هذه الصورة الذهنية للموظف الحكومي، دعوة من هذا المنبر إلى تحرير الطاقات الكامنة لدى موظفينا من القيود الإدارية، واعتماد التقارير السنوية على الإنتاج، وإعطاء مساحة حرية للموظفين المبدعين، ودمتم سالمين. [email protected]