14 سبتمبر 2025
تسجيللقد كان قرار أوبك، والذي وافقت عليه منظمه الأوبك بالإجماع، كعادتها في قراراتها، في ٢٧ نوفمبر ٢٠١٤، اجتهاداً مهماً، بناءً على معطيات السوق في حينه، وأكد صدق ما توصلت إليه الأوبك العديد من بيوت الاستشارة في صناعة النفط، وبعضها من الولايات المتحدة، حيث إن المحرك الرئيسي في اختلال ميزان العرض والطلب خلال الربع الأخير من عام ٢٠١٤ هو الإمدادات من خارج الأوبك خصوصا من النفط الصخري، والذي استفاد من أمرين هما، (1) مستويات أسعار النفط خلال السنوات ٢٠١٠ - ٢٠١٤ حيث فاقت ١٠٠ دولار للبرميل (2) ومن التكنولوجيا المتقدمة التي يسرت أمر تطوير الإنتاج ليصل في بضع سنوات إلى ٤ ملايين برميل يوميا، وبما أن مصدر اختلال ميزان الطلب والعرض النفط الصخري، وهو يدخل ضمن نشاط شركات نفطية تقوم على أساس الربحية والسيولة والعوائد، ولا تحتكم إلى منظمة، بحيث تصل إلى قرار خفض الإنتاج لمصلحه إعادة التوازن في السوق، لذلك فإن الحل الوحيد يكمن في ترك السوق يحدد سعر التوازن، الذي على أساسه يتم تقليص إنتاج النفط غالي التكاليف، بما يعيد توازن السوق، وهذا ما حدث فعليا على عدة محاور كانت نتيجتها توفير مناخ للقلق حول إمدادات السوق وبالتالي شهدت السوق تحسنا في أسعار النفط خلال الأشهر السابقة خلافا للتوقعات وهذه المحاور هي (1) خفض عدد أبراج ومنصات الحفر في الإنتاج والتي تؤثر في معدل تنامي إنتاج النفط الصخري في النصف الثاني من عام ٢٠١٥، (2) المحور الثاني هو إعلان الشركات النفطية على اختلافها وبعض الدول النفطية تأجيل بعض المشاريع والاستثمار في قطاع الاستكشاف والتنقيب خلال السنوات القادمة وتصل نسبة الخفض إلى ٣٠٪، وهذا يعني أنه سيكون هناك تأثير على إمدادات النفط الجديدة وهو يَصب في مصلحة الأوبك، هذه الأجواء شجعت تحولاً كبيراً في توقعات صناعة النفط لصالح ارتفاع الطلب على نفط الأوبك خلال السنوات القادمة، وكذلك أيضاً بوادر عَلى تعافي أسعار النفط خلال النصف الثاني من عام ٢٠١٥، وكذلك أن تعافي الأسعار إلى مستويات تقل عن المائة دولار للبرميل وتكون أكثر قبولاً في السوق وتسهم في تعزيز دور أوبك في سوق النفط، هذا كله يعني بوادر وعلامات على نجاح قرار أوبك لمصلحة السوق النفطية. أسعار النفط تتحسن ولكنها مرشحة للهبوط خلال الأشهر القادمةإن الورقة الأبرز في سوق النفط هي وتيرة تأقلم المنتجين للنفوط العالية التكاليف ومن أهمها النفط الصخري واستجابتها لهبوط أسعار النفط، وهو أمر يتابعه الجميع في السوق.لقد حافظ متوسط أسعار نفط خام برنت خلال شهر فبراير 2015 وإلى الآن عند مستوى يفوق 55 ويقترب من 60 دولارا للبرميل وهي زيادة تعكس معطيات السوق النفطية ومنها موجة البرد، ويتساءل العديد من المراقبين إن كان المحرك وراء تعافي أسعار النفط الحالي هو مؤقت ينتهي بزوال أسباب التعافي، وطبعاً مع انتهاء موسم ذروة الطلب على النفط في الشتاء من المتوقع أن تبدأ الأسعار بالتأثر سلباً، مرتبط بميزان الطلب والعرض خلال الأشهر القادمة، ولكن من بداية شهر أبريل 2015، حيث إن نسبة من طاقة التكرير خصوصا في أسواق الشرق تدخل برامج الصيانة وهو ما يعني ضعف الطلب على النفط وضغوطا على أسعار النفط الخام، مما يعني أنها قد تخسر ما بين 5 – 10 دولارات خلال الأشهر القادمة قبل أن تبدأ مرحلة التعافي من جديد، وعموما فإن أسعار النفط الخام في حالة تذبذب، ولكنها في اتجاه تنازلي، وبوتيرة بطيئة إلى نهاية شهر مارس، حيث لا يزال الوضع في ليبيا واستهداف موانئ التصدير يمثل تحديا أمام تعافي إنتاج النفط الليبي ويشكل دعما للأسعار بسبب القلق بخصوص استمرار تأثر الإمدادات، ولكن تطور المفاوضات حول الملف النووي قد أسهم في ضعف أسعار النفط خلال الأيام السابقة، علماً بأن إيران قد خسرت ما يقارب 1.2 مليون برميل يومياً مبيعات نفط في السوق منذ منتصف عام 2012، كذلك مما أسهم في ضعف الأسعار الأرقام الخاصة بالوظائف في السوق الأمريكية والتي جاءت أقل من المتوقع، كما أن استمرار ارتفاع المخزون في الولايات المتحدة الأمريكية، ومعدل استخدام الناقلات العملاقة للتخزين العائم وهو يحتاج إلى استمرار هيكله الكونتانجو وبمعدل شهري في حدود 1.10 دولار للبرميل حتى يكون التخزين العائم ذا جدوى اقتصادية، كما يقدر ذلك البيت الاستشاري بيرا، علاوة على أن إنتاج البرازيل في ارتفاع، حيث يقدر بأنه 400 ألف برميل يوميا أعلى مما كان عليه في عام 2014. وأضف إلى ذلك دعم رفع تشغيل شبكة النقل والأنابيب يعني دعم نقل النفط داخل السوق الأمريكي ومن كندا إلى السوق الأمريكي.دور بيوت المضاربة في أحداث السوقالمضاربون لا يؤثرون في البدء في اتجاه السوق، ولكن بلا شك يزيدون في سرعة ووتيرة التحرك سواء في حالة هبوط الأسعار حيث يتم بيع مراكزهم للتخفيف من الخسائر وهو ما يزيد في حركة هبوط الأسعار، ويقومون بالشراء عندما تبدأ الأسعار بالتعافي أو تكون هناك توقعات بالتعافي أو يشير إلى ذلك منحنى أسعار المستقبل، وهذا ما يحدث فعلياً مع اتجاه تعافي الأسعار، وتحرك منحنى الأسعار إلى مستوى أعلى، وعموماً فإن تعاملات المضاربين هي ورقية ولكن حجمها يفوق التعاملات الحقيقية بأضعاف كثيرة، ويشكل عامل المضاربات في أسواق النفط قلقا لدى المراقبين في الأسواق النفطية، حيث تتجاوز أحجام التعاملات اليومية 18 ضعف الإنتاج العالمي من النفط يوميا.تفاعل الدول المنتجة للنفط في الخليج العربيلا بد من التأكيد أن السوق تحتاج إلى إمدادات النفط الصخري للإيفاء باحتياجات تنامي الطلب على النفط ولكن التنامي بمعدلات معتدلة نسبيا يسهم في توازن السوق كما يذكر ذلك جولدمان ساكس.وضمن هذه الأجواء تحقق في نهاية المطاف مستويات جديدة للأسعار تكون أكثر قبولاً تدعم استقرار الأسواق في الأعوام الخمسة القادمة، ليعود دور أوبك فاعلاً في توازن السوق بما يحقق دورها في دعم تنامي العالم، ويجب التنويه أيضاً أن البلدان المنتجة للنفط الخام في الخليج العربي قد تبنت سياسات تتسم بالحكمة والنضوج من خلال الاستفادة من أسعار النفط الخام العالية في توفير احتياطيات مالية خدمها خلال المرحلة الانتقالية الحالية للعبور إلى بر الأمان، وطبعاً تعافي أسعار النفط يخدم موازنات الدول المنتجة للنفط، خصوصا مع توقعات أن تتعافى أسعار النفط في النهاية إلى مستويات أعلى من الأسعار الافتراضية للموازنات، ولكن ضمان حالة من الاستقرار بعيدا عن تذبذب وتقلب الأسعار، لن يتم إلا بتحقيق تنوع في مصادر الدخل والاقتصاد، وتوفير صناعات تضمن وظائف، والتركيز على بناء المواطن ليكون منتجاً مساهماً داخل المجتمع.التحديات أمام مؤتمر أوبك القادمأعتقد أن أوبك عندما تجتمع في بداية شهر يونيو 2015، ستشعر بشيء من الفخر، لأن قرارها رغم كل ما قيل من آراء إلا أنه جاء لمصلحه استقرار الأسواق من خلال تأجيل العديد من قرارات الاستثمار للمستقبل، لمصلحة تحفيز الطلب، لمصلحة البلدان المستهلكين والتي استفادت من عدة أمور، من بينها خفض كبير في فاتورة الواردات، لمصلحة الاقتصاد العالمي، ولعل المؤتمر أيضا سيكون بداية التوازن في النصف الثاني من عام 2015، وبالتالي ربما يكون إحدى النقاط التي تؤثر على القرار هي تقييم نتائج القرار على النصف الأول من عام 2015، لكن يبدأ تحدٍ جديد وهو إمكانية ارتفاع الإنتاج من داخل أوبك، هو موضوع يأخذ انتباها أكبر من جهود المنظمة خلال السنوات القادمة، خصوصاً أن نجاح أوبك خلال الفترة الماضية هو المحافظة على الإنتاج حول السقف الإنتاجي المقرر وهو 30 مليون برميل يوميا.توقعات الأسعار خلال عام 2015رغم التوافق حول ضعف تشهده السوق خلال الأشهر القادمة وهناك اختلاف حول درجة الضعف إلا أن توقعات أسعار نفط خام برنت خلال عام 2015 تدور حول معدل ما بين 55 – 60 دولارا للبرميل.