11 سبتمبر 2025

تسجيل

مليشيات القصف الإلكتروني

11 مارس 2014

خلال الأيام الماضية استغرقت بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المختلفة على الشبكة العنكبوتية لرصد ما أستطيع حول قضية سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين وما يدور حولها من أحاديث وأخبار وتعليقات، وصعقني أن أجد الإنترنت وقد تحول إلى ساحة حرب إلكترونية تشن فيه مليشيات إلكترونية حربا ضروسا على قطر، تبث الشائعات والأخبار المزيفة والتعليقات العدائية والصور الملعوب بها، في واحدة من أشرس المعارك التي عرفتها، ويجب أن أكون أمينا وأقول بكل صراحة إن الكفة كانت راجحة وبنسبة كبيرة للمليشيات الإلكترونية السعودية والإماراتية ومؤيدي الانقلابيين المصريين الذين كانوا يقصفون بلا هوادة.مقابل كل خبر قطري هناك 10 أخبار معادية ومقابل كل تعليق مئات التعليقات ومقابل كل صفحة آلاف الصفحات، ومن يريد دليلا على ذلك عليه أن يدخل إلى صفحتي على تويتر ليعرف معنى أن تكون وحيدا في مواجهة جيش من المهاجمين، فلقد آثرت أن أخوض هذه التجربة بنفسي لقياس عنف الهجمة وسعتها وقوتها وامتداداتها.هذه المليشيات الإلكترونية التي شكلت "حلفا شيطانيا" تعمل من دون كلل أو ملل لـ"شيطنة" قطر، وتشويه صورتها، وضرب اقتصادها، وشن حرب نفسية على مؤيديها ومواطنيها، وتحريضهم على حكومتهم، وصولا إلى السباب والشتائم، ويكفي نظرة واحدة على النت لإدراك مدى حجم هذه الحملة الشيطانية، الأمر الذي يتطلب من الحكومة دراسة الوضع ووضع الخطط والآليات التنفيذية " للخروج من هذا المأزق الكبير"، فقد ثبت أن قطر مكشوفة إعلاميا على النت وبطريقة تبعث على القلق.لقد سبق ونبهت إلى هذه الظاهرة منذ عام 2010 وكتبت حينها أن الإمارات والسعودية (دون أن أذكرهما بالاسم حينها) تتمددان إعلاميا بسرعة وتعملان على إحكام سيطرتهما على الإعلام والفضاء الإلكتروني وتعملان على تأسيس الفضائيات التي تكاثرت كالفطر والطحالب الذي يلوث الفضاء، وتشتريان صحفا وصحفيين وأقلام ومساحات إخبارية وبرامجية، وتكادان تحكمان سيطرتهما المحطات القوية والفاعلة، فهما تتحكمان بنحو 82% من السوق الإعلاني في العالم العربي "70% للسعودية و12% للإمارات"، وهما يضخان أموالا كبيرة جدا، وهؤلاء المذيعون وغيرهم من الإعلاميين والصحفيين "يزمرون" لمن يدفع المال، وبالطبع فإن السعودية والإمارات تدفعان الكثير من المال، نفس اللعبة يلعبونها مع قطر حاليا، فهم يشنون "حرب استنزاف" إعلامية عبر الفضاء التلفزيوني والتحشيد الافتراضي واللعب بأعصاب الناس ونفسياتهم من خلال بث شائعات.يكفي أن أشير إلى خبر "إطلاق سراح الراهبات المختطفات في سوريا" الذي تم عبر وساطة قطرية، وكيف تعامل معه إعلام "المليشيات الإلكترونية" ببرود يكاد يصل إلى درجة الإهمال، مع أن هذا الخبر تصدر النشرات العالمية، وكيف كان هناك تعمد لتجاهل اسم قطر والتركيز على ضابط شرطة لبناني وتصويره على أنه البطل الذي حقق الصفقة، ولو أن هذه الصفقة تمت بوساطة سعودية أو إماراتية لسمعت مزاميرهم في القمر لشدتها ولولا وجود الجزيرة لتحول إطلاق سراح الراهبات إلى خبر صغير في نشرة عابرة في الفضائيات والمواقع التي يحتكرونها.تحتاج قطر إلى استراتيجية إعلامية جديدة، تؤسس لجيش إلكتروني على غرار الجيوش الإلكترونية الموجودة في العالم، فإن تكون على حق لا يكفي لكي تنتصر، فالحق يحتاج إلى قوة وإعلام وإنترنت يتصدى لقوى الظلام والضلال، فمن لا يملك أدوات الدفاع عن حقه يخسر، وأستحضر هنا ما قاله لوط عليه السلام كما ورد في القرآن الكريم " متوعدا قومه "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" أي لنكلت بكم وفعلت بكم الأفاعيل كما ورد في تفسير ابن كثير. إننا نركن إلى الله ناصر الحق دائما ونتوكل عليه ونعقل بعد التوكل بإعداد العدة والاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة، وهذا يتطلب سرعة في الحركة وفعالية في الأداء وقوة في الطرح لمواجهة "تسونامي" العداء الإلكتروني لقطر.