22 سبتمبر 2025

تسجيل

موت الكتاب.. هاجس الناشرين

11 مارس 2012

في كل مناسبة تتعلق بالكتاب مثل معارض الكتب، وندوات البحث عن مستقبل الكتاب، وحلقات الدراسة حول القراءة، وأسباب تراجع عدد القراء.. يطل برأسه مصطلح "موت الكتاب" الورقي وإمكانيات أن يحل محله الكتاب الإلكتروني في المستقبل، مما يشكل هاجس خوف ملحا لدى الناشرين، وخاصة اولئك الذين تعودوا على التعامل مع الكتاب من وجهة نظر ربحية فقط، حيث يفرضون أسعارهم الباهضة على الكتب، التي تلقى إقبالا ملحوظا من القراء، بينما تباع مثيلاتها من الكتب ذات المواصقات الطباعية المشتركة بأسعار أقل بكثير مما هي عليه تلك الكتب، حتى وإن كانت المواصفات الفنية مشتركة بين الكتابين. فهل ثمة احتمالات لموت الكتاب الورقي واختفائه نهائيا؟ على المدى المنظور لا أرى ذلك ممكنا لعدة أسباب منها أن الكتاب الورقي يحمل صفات وميزات لا تتوافر في غيره من الكتب التي تظهر بوسائل إلكترونية أو غيرها، ومن هذه الصفات أو الميزات دقة الكتاب الورقي كمصدر غير قابل للتحريف، ومنها أيضا سهولة الرجوع إليه والتعاطي معه في أي وقت، بينما يحتاج الكتاب الإلكتروني إلى وسائط ربما لا تتوافر للجميع في كل الأوقات، وفي كل الأماكن، ومنها أيضا العلاقة الوثيقة بين الكتاب وقارئه، من حيث التأثير والتفاعل والحميمية، وتنامي التذوق الفني لدى القارئ، وخاصة بالنسبة للأعمال الإبداعية التي يشترك المتلقي دائما في إعادة صياغتها، مستندا على خلفيته الثقافية واستيعابه وفهمه للنص، ومنها أيضا حرص الناشرين على دعم الكتاب الورقي واستمراره لما يحققه لهم من أرباح مجزية، وكذلك أيضا قدرة السيطرة على الأسعار حين التعامل مع الكتاب الورقي، مما لا يتحقق بشكل دقيق في التعامل مع الكتاب الإلكتروني. لكن ومع كل هذه المعطيات لا بد من الاعتراف بانحسار مد الكتاب الورقي، وهذا مؤشر غير مطمئن للناشرين، وعلى المدى البعيد سيزيد الاعتماد على الوسائل الإلكترونية في التعامل مع الكتاب والاستفادة منه، وقد يأتي زمن يختفي فيه الكتاب الورقي ولكن ليس في المستقبل المنظور، ولا شك أن تسارع حركة التقدُّم العلمي، وتطور وسائط الاتصال، ووسائل المعرفة، كل ذلك سيقرِّب من نهاية الكتاب ولا أقول موته، فالنهاية لا تعني الموت دائما، لكنها قد تعني بداية عودة الظهور بشكل آخر، وهذا ما يعنيه ظهور الكتاب الإلكتروني، انسجاما مع روح العصر، واستجابة لظروف الحياة، وإيقاع الحراك التنموي المتسارع، وتفيد إحصائيات دور مواقع تسويق الكتاب الإلكتروني مثل "أمازن" أن نسبة مبيعاتها في ازدياد مستمر، خاصة مع توافر أجهزة القراءة الإلكترونية، التي بدأت مع جهاز "كندل" وهي حتما لن تنتهي مع "آيباد الجديد"، الذي أدخل "آبل" إلى نادي الأغنياء. ثمة تهديد حقيقي يتعرَّض له الناشرون، هذا التهديد هو الذي دفع دور نشر كبرى في العالم إلى الاهتمام بالكتاب الإلكتروني، كما فعلت "بنجوين" و"ماكميلان" و"هاربر كولينز" و"هاشيت بوك جروب"، عندما حاولت منافسة عملاق الكتب الإلكترونية "أمازون" والدخول معها في حرب الأسعار، وهي حرب وصلت إلى ساحات القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية، بما يوحي بأن السيطرة على مبيعات الكتاب الورقي أكثر إمكانية من الكتاب الإلكتروني، والمستثمرون يبحثون دوما عن الأمان لأموالهم. في عالمنا العربي لا تزال دور النشر تتمسَّك بالكتاب الورقي، وستظل على موقفها هذا معتمدة على ضعف القوة الشرائية في البلدان العربية حيث تنعدم قدرة الفرد العربي على شراء أحد أجهزة القراءة الإلكترونية، إلى جانب انتشار الأمية التي تقلل من حركة الإقبال على الكتاب، بل والقراءة بصفة عامة، مما يعيدنا إلى المربع الأول لنطرح نفي السؤال: هل ثمة احتمالات لموت الكتاب الورقي واختفائه نهائيا؟. [email protected] خليل إبراهيم الفزيع