13 سبتمبر 2025
تسجيلبدأت المرأة في العمل أول ما استوطن الإنسان القديم الأرض، فالبحث عن الطعام أوجب أن تسعى المرأة مثلها مثل الرجل للبحث عنه. وتذكر لنا نظريات الأنثروبولوجيا أن نوعاً من تقسيم العمل بين المرأة والرجل ظهر في مراحل بدائية من تاريخ البشرية رغم أن الأسر بالشكل الحالي لم تكن موجودة أصلاً، فالأسر كانت أمومية تتبع الأم ولم يكن للرجل أو الأب أي دور إلا تحت مظلة الأم، إلا أن ذلك لم يمنع أن يختص الرجل بالصيد وتتفرغ المرأة للجمع والالتقاط، أي جمع ثمرات ساقطة من الأشجار أو أعشاب متناثرة على الأرض لتكون غذاءً تسد به رمقها ورمق أطفالها. وبعد مئات الآلاف من السنين من عصر الصيد والجمع والالتقاط أي قبل اثني عشر ألف سنة من زمننا هذا بدأ اكتشاف الزراعة فيما سمي(بالثورة النيوليثية) ويشير الكثير من علماء الأنثروبولوجي إلى ان المرأة هي التي اكتشفت الزراعة بحكم عملها بالجمع والالتقاط لتتحول التجمعات البشرية المتنقلة والساكنة في الخيام والكهوف إلى مجتمعات مستقرة وبدأ بعدها بناء أشكال بسيطة من البيوت الطينية ولتتركز حول بعضها مكونة القرى. بعد كل هذه المقدمة التي أهدف من خلالها إلى القول إن عمل المرأة لم يكن يوماً وليد الرفاهية والتطور الحديث المرتبط بتعليم المرأة وحاجتها لإثبات ذاتها من خلال العمل، فالمرأة تعمل منذ فجر التاريخ والمرأة في مجتمعاتنا العربية ومجتمعات الخليج ومنها قطر قبل الحقبة النفطية لم تتوقف يوماً عن العمل، فتجدها تخيط الثياب وتطرزها وتقوم بصنع البطّولات (البطولة غطاء للوجه تضعه النساء القطريات المتزوجات) وتتكسب منها وتصنع الرشوش والمخمرية (من أدوات الزينة التقليدية) وأنواع الطيوب الأخرى وتبيعها وتساهم في رفد العائلة بدخل إضافي، وكذلك المرأة في الريف في دول الخليج الأخرى ومناطق الوطن العربي كافةً لم تتوقف يوماً عن العمل، فهي تزرع وتربي الدواجن والمواشي وتحلب وتعجن وتخبز، بالاضافة لأعمالها المنزلية الأخرى التي تقوم بها، وإن كان كل ما تفعله وتقدمه غير مدفوع الأجر . أما المرأة البدوية، فالأعباء الملقاة على كاهلها تفوق ما يقوم به الرجل البدوي، فهي لا تجلس بدون عمل مطلقاً، فنولها ومغزلها الدائمان الحركة اللذان تبدع بهما القطع الفنية الجميلة المسماة بالسدو والذي تصنع منه الأغطية والمساند وسلسلة طويلة من المنتجات التي تستخدم في البيت أو تبيعها لتساهم بزيادة دخل عائلتها، بالإضافة لتحملها عبء حياكة القطع النسيجية للخيام، وكذلك قيامها بعطن الصوف ودبغ الجلود وصناعة السقيان والجواعد (السقيان هي القرب التي تخض بها الحليب والجواعد هي أسرجة الإبل) وكثير من الصناعات التقليدية المرتبطة بالجلود بالإضافة لأعمالها المنزلية التقليدية. عمل المرأة طيلة الحقب السابقة لم يثر يوماً حوله الإشكالات التي أثارها في الوقت الحاضر فعمل المرأة في الفترات التي سبقتنا ظل مرتبطاً بالبيت ولم يتطلب من المرأة أن تترك المنزل لساعات طويلة وقد كان عملها شيئاً مسلماً به يقبله المجتمع ويطالب به ومن تتقاعس عن واجباتها ينظر لها المجتمع نظرة توبيخ وتأنيب، وإن دخل عملها في مجمله ضمن دائرة العمل المنزلي الذي تقوم به غالباً دون أن تنال عليه أجراً. وللحديث بقية