16 سبتمبر 2025
تسجيلضمن منطقة جغرافية تعصف بالحروب والاضطرابات الاجتماعية والثورات تبدو قطر ومعها بعض دول الخليج كواحة سلام واستقرار وازدهار تستقبل سنوياً عشرات الآلاف من الساعين للعمل والرزق. وكون قطر دولة مستقبلة للبشر وليست دولة طاردة، فيعني ذلك ببساطة أن في هذه الدولة تتوافر عناصر الجذب من فرص عمل وبنية تحتية متكاملة وخدمات متطورة ومنظومة قوانين حامية للمقيم والمواطن على حدٍ سواء، بالاضافة لاستتباب الأمن بشكل دائم فلا جرائم كبيرة ولاعصابات تعيث فساداً وتروع الآمنين وإن حدثت هنا وهناك جرائم فردية إلا أنها أصغر من أن تعكر صفو المجتمع. وفي تحليلنا البسيط لحالة الاستقرار والأمان التي تعيشها قطر أرى أن أحد عناصر هذا الاستقرار هو الانسجام والتناغم الموجود بين البناء العلوي والسفلي للمجتمع فرغم ان هذه النظرية الاقتصادية القديمة القائلة بان عناصر الاضطراب أو الاستقرار في المجتمعات تعود للصراع أو الانسجام بين البناءين العلوي والسفلي أي عناصر الإنتاج (من عمل أو قوى إنتاج بشرية ورأس مال وأرض) أي أن قوى الإنتاج وهم هنا الشعب والمرتبط بعلاقات الإنتاج التي تربطها بالبناء الفوقي من مؤسسات الدولة وقوانينها والسلطة العليا فيها ورغم أن هذه النظرية حددت مجال تطبيقها في الدول الرأسمالية أثناء تحولاتها الكبرى من الاقطاعية للرأسمالية إلا أن نطاق تطبيقها قد يمثل جانبا من المصداقية التي تنطبق على أي مكان آخر فحالة التناغم والانسجام هنا بين الشعب والسلطة الحاكمة والمستمدة من الأصل الواحد وعلاقة القرابة والنسب فتشكيل النسيج الشعبي لقطر والمكون من القبائل العربية المرتبطة فيما بينها بعلاقات قربى ونسب وبينها وبين الأسرة الحاكمة كذلك بحيث لا يوجد ذلك الفصل الواضح بين الأسرة الحاكمة وغيرها من قبائل وأسر قطر، بالاضافة بالطبع لجهود القيادة الحكيمة ومنذ بداية تأسيس الدولة في الاستفادة والاستغلال الأمثل للعوائد المالية الضخمة التي دخلت لخزانة الدولة من استخراج النفط وتسويقه، فهذه العوائد الضخمة استغلت في تأسيس بنى تحتية حديثة لم تكن موجودة قبل حقبة النفط واستثمرت في تعليم وتأهيل أبناء هذه البلاد وتوفير الوظائف لهم والخدمات الصحية والسكن وكافة متطلبات الحياة العصرية المرفهة الراقية لتجعل من قطر واحةً للأمان والاستقرار.