18 سبتمبر 2025
تسجيلالحلقة الأخيرة من سلسلة التهور الإماراتي في تونس كانت القطرة التي أفاضت الكأس وبارك الله في حكومة تونس التي ردت عليها بما يتلاءم مع الإساءة حين وقع منع العشرات من نساء تونس الحرائر من الالتحاق بطائرات الإماراتية نحو دبي في المطارات وبالخصوص في مطار تونس قرطاج يوم الجمعة الماضي ففاحت رائحة الفضيحة عالميا، بل احتار الرأي العام هل يضحك أم يأسف أم يندد بحادثة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الدول! كانت الحركة في المطار التونسي تلك الجمعة عادية وكان المسافرون يتوافدون للسفر الى مدن العالم بشكل طبيعي وفجأة ثارت ضجة وارتفعت أصوات النساء التونسيات القاصدات دبي على متن الإماراتية بعد أن أعلمهن موظفو الشركة بقرار منعهن من الالتحاق بالطائرة! وازداد العجب حين لم يعرفن السبب! "تعليمات" جاءت من أبوظبي لمنع النساء التونسيات (نعم الإناث دون الذكور!!!) من ركوب الطائرة وشهد التوانسة لأول مرة في حياتهم كيف فرقت سلطات الإمارات بين الزوج وزوجته وبين الأخ وأخته حين منعت السيدة دليلة وابنتها نسرين ذات العامين من السفر وسمحوا لزوجها السيد كمال وابنه جلال ذي الأربع سنوات بركوب الطائرة مما شكل مسرحية هزلية عبثية سريالية!! الزوجة امرأة وابنتها أنثى إذن من المصنفات ضمن الممنوعات والسيد كمال وابنه من الذكور فيسمح لهما بركوب الطائرة بدون باقي الأسرة! صعب أن يصدق عاقل مثل هذا الجنون الغريب الصادر عن "سلطات" مسؤولة في بلد عربي مسلم عضو في منظمات الجامعة العربية والتعاون الإسلامي واليونسكو والأمم المتحدة وموقعة على اتفاقية شيكاغو لتنظيم الطيران المدني! ضد نساء دولة شقيقة مسالمة محايدة تربطها بكل دول مجلس التعاون أواصر التعاون! مستحيل أن يصدق عاقل ممارسات عجيبة لم تقدم عليها أية دولة حتى في أشد الأزمات السياسية وأخطر الاستنفارات الأمنية! ولماذا النساء دون الرجال؟ ولماذا تمنع سيدات تونسيات حتى من مجرد الترانزيت عبر دبي الى (هونج كونغ)؟ هل الحرة التونسية العابرة نجسة ستنجس أرض مطار دبي؟ على كل، حاولت الحكومة التونسية أن تفهم لماذا؟ ولم تعثر على سبب مقنع لسلوك أرعن لا يقنع أحدا! يبدو أن ما قاله سفير الإمارات كلمات متلعثمة حول ما سماه "ترتيبات أمنية" وغاب عنه أن إساءة حقيقية ارتكبت في حق دولة تونس كلها نساء ورجالا وحكومة وشعبا حين ارتهنت هذه "التعليمات" عشرات التونسيات كرهائن ومنهن الطبيبة التي تعالج الاماراتيين والاستاذة الجامعية التي تعلم الإماراتيين والمهندسة التي تساهم في نمو اقتصاد الإمارات وهن يعشن مكرمات معززات في تلك الدولة الخليجية المنعوتة بالشقيقة منذ سنوات طويلة! أضعف الأيمان ردت به تونس هو منع الطيران الإماراتي من استعمال المطارات التونسية والتعبير عن الاستياء والغضب من أمر معيب يعد سابقة في تاريخ الطيران المدني وتاريخ العلاقات بين الدول! وهذه الحلقة كما قلت لكم هي الأخيرة من سلسلة تهورات إماراتية نحو تونس كان أبرزها محاولة التدخل السافر في توجيه نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 بواسطة تقديم هدايا لبعض المترشحين وإرسال مستشارهم الفلسطيني الأصل الى تونس حيث التقى بوجوه سياسية مختلفة المشارب وقام بتنظيم ندوات لمناقشة الشؤون التونسية الداخلية. وعجبت من تهوين بعض الوجوه السياسية لما ارتكب في حق تونس بالقول أن "معلومات استخبارية" حصلت عليها الإمارات من مصادرها تفيد "بأن عملا إرهابيا ستقوم به امرأة تحمل الجواز التونسي على إحدى الطائرات الإماراتية!" لكن ألا يجوز لنا أن نطرح ثلاثة أسئلة مشروعة حتى لو كان هذا هو السبب؟ السؤال الأول هو: كيف لا يثق الإماراتيون في إجراءات التفتيش للمغادرين في المطارات التونسية وهي من أدق الإجراءات؟ السؤال الثاني: تنص اتفاقيات المنظمة الدولية للطيران المدني على تمكين أية شركة طيران من إجراء تفتيش ثان قبل دخول قاعة الرحيل للتأكد بوسائلها الخاصة من سلامة المسافرين فلماذا لم تطلب الإماراتية هذا الإجراء وهو متاح؟ السؤال الثالث: لماذا لم يقدم أي تفسير للسلطات التونسية ولا للمسافرات مما شكل احتقارا لتونس كلها ودولتها وأمنها وحرائرها وهو ما دشن عصرا جديدا من التهور الرسمي؟ الأمر ليس كما يروج له بعض المستفيدين من المال الخارجي الحرام حين وصفوه بخطأ شركة الطيران بينما هو خطأ دولة وليس الوحيد!