16 سبتمبر 2025

تسجيل

الإسطوانة المشروخة!

11 يناير 2016

عندما تذهب إلى ولاية أوكلاهوما الأميركية فأنت بلاشك ستكون شخصاً غير مرغوب به؛ ذلك أن هذه الولاية ستكون الرحم العنصري الذي سيعمم كرهه للعرب والمسلمين، وأنا لا أقول هذا الكلام بعد زيارة لهذه الولاية – معاذ الله- فقد قربت الشبكة العنكوبتية ما هو بعيد وأدنت ما هو قاص، والخبر يا سادة يا كرام أن محطة كبرى لتزويد وقود السيارات قد علقت لوحة ضخمة تعلن فيها للسكان والزائرين الضيوف بأنها محطة خالية من وقود الإرهاب! وحينما بحثت عن سر هذه العبارة المبهمة عرفت أن محطة الوقود هذه تعلن وبكل فخر بأنها خالية من النفط العربي وإنها ترفض دفع أموال مقابل هذا البنزين الذي يذهب ريعه لصالح الدول العربية الممولة للإرهاب، والذي ينكوي بناره الأميركيون في كافة أرجاء الأرض، لا سيما المنطقة العربية!.. حسناً نحن نسعد بأن نفطنا لا يذهب للأميركيين، لكني بالتأكيد أشعر بالنار تستعر في نفسي وأنا أرى أننا أصبحنا بهذا الرخص، بحيث صار ما هو أغلى لدينا وهو نفطنا المرغوب والمطلوب أرخص شيء لدى هؤلاء الحمقى! تألمت لأننا في الوقت الذي نتسابق فيه لضخ أموالنا في ملاهي وفنادق الولايات المتحدة الأميركية وخزائن الاقتصاد الحكومي، نجد مثل هذه الجهات التي تؤثر على شريحة كبيرة من الشعب تؤجج من الكره ضد العرب والمسلمين، ولعل آخرها ما قام به معتوه أميركا ترامب في الإعلان صراحة عن عدم رغبته فيما لو تولى رئاسة البلاد دخول المسلمين إليها، فما الذي بقي لنا لنحفظ به ماء وجوهنا؟.ورغم أن هذا العمل لا يعدو شيئاً أمام سمعتنا التي أصبحت مرتبطة بالإرهاب ارتباطاً وثيقاً، إلا أنني أتساءل لماذا لا تحرك الحكومات العربية ساكناً أمام هذا العداء المتنامي ضدنا؟، لماذا لا زلنا نحن الإرهابيين الدمويين القتلة العنصريين؟!.. لماذا إسلامنا دين تحريض على الكراهية وتمايز الديانات وهو جامع المتشددين ومثيري الطائفية الجاهلة المحتقنة بالدماء؟!..لماذا إسلامنا بات متهماً بأنه دين حقد وليس دين تسامح؟!.. أين هو دور الهيئات والمنظمات الإسلامية في تحسين صورة الإسلام والرد على كل الذين يسيئون له من خلال التشهير وإظهاره دين إرهاب وانتقام؟!.. فحتى هذه اللحظة ومنذ هجمات سبتمبر 2001 ولا نزال أوطاناً عربية متهمة بولادة تنظيمات متطرفة، رغم أن الجميع يعلم أن تنظيماً مثل داعش الإرهابي هو ولادة من رحم أميركي شديد العداء لنا، ولذا تمادى أعداؤنا في عدائنا وسلب حقوقنا وجعلوا من أرضنا مسرحاً لعملياتهم ضد بعضنا البعض.. منذ هجمات سبتمبر، والتي اعتقدنا أنها ستهز القوة الأجنبية وستزعزع الثقة في قدراتهم وإمكانياتهم، رأيناهم يعودون أكثر قوة وباساً وعدائية، فلماذا يتعملقون قوة وتجبراً حينما نظن أن سقطتهم مميتة، ولماذا نرى أنفسنا مشلولين وعاجزين بصورة كلية حينما نشعر بآلام مثل ألم وخز الإبر؟!.. لماذا يتعملقون ونتقازم؟!..ويكبرون ونصغر؟!..ويزيدون هيبة ونزيد طيبة وبلاهة؟!.. يتجبرون ونتسامح؟!.. لماذا يا أمتي نتفاخر فيما بيننا ونكيد بعضنا وحينما تأتي جهة أجنبية نصغر ونتضاءل حتى نصبح بحجم النملة بجانبها؟! بربكم يا عرب أما آن الأوان لنرفع رؤوسنا قليلاً ونرفع أنظارنا عالياً؟!..ألا نستحق بعض الكرامة لنمنع نحن نفطنا من أن يرسل إلى أرض الولايات المتحدة الأميركية، لا أن يمنعه الأميركيون من استخدامه لسعادتهم؟!.. إلى متى سيظل الدولار الأميركي يقودنا ولا يمكن لأي عملة عربية أن تخرج من جلباب واشنطن قليلاً فقط؟!..بربكم ألا ترونا شعوباً طيبة وقفت وراءكم تساندكم في أضيق الأزمات وقلصت احتياجها اليومي من أربعة أرغفة إلى رغيفين حينما تعلنون التقشف في كل الضروريات؟!..ألسنا نسمع الكلام ونخاف التهديد والوعيد وحينما تغضبون تلقون في أجسادنا وأرواقنا متنفساً حقيقياً للترويح عن كل ذلك؟!.. بربكم أعطونا القليل من كرامتنا المهدورة المفقودة وأعيدوا لنا من ماء وجوهنا ما نتيمم به ولا نطلب الوضوء الكامل لا سمح الله؟!..بربكم دعونا لا ندعو عليكم!.فاصلة أخيرة: ربي.. خلقتهم وخلقتنا.. أعطيتهم وأعطيتنا..منحتهم ومنحتنا..فكيف كان شكرهم لينالوا ذاك الجزاءوكيف هو شكرنا لنصبح بهذا الغباء؟!!.