11 أكتوبر 2025
تسجيلبعد أن أوغل في دماء المسالمين والأحرار، وبعد أن أشعل جذوة الحروب الطائفية والعشائرية، وبعد أن استحضر كل خرافات التاريخ وهرطقاته، لم يجد رئيس الحكومة العراقية السيد نوري المالكي من جهة أو طرف يتهجم عليه بقذائف حممه الكلامية سوى الربيع العربي والذي أمطره بوابل من الشتائم الثقيلة اختتمها بوصفه بالوباء العربي!! ، وهي تسمية وتوصيف إن انطبق على شيء فهو ينطبق على الحالة الشاذة القائمة في العراق منذ احتلاله عسكريا من جانب الجيش الأمريكي عام 2003 قبل أن تتحول مقاولة الاحتلال من الباطن للشريك الإيراني!، فنوري المالكي وهو يتهجم على دول الخليج العربي قد أزعجته للغاية التغييرات الكبيرة والمتغيرات الكبرى في الساحة العربية اعتبارا من ربيع عام 2011 وهو الذي بدأ بهروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ثم أتبعه بعد أسابيع قليلة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لينفجر الموقف في ليبيا وسوريا في زمن وتوقيت متقاربين، لينتهي العقيد الأخضر وملك ملوك إفريقيا النهاية التي انتهى إليها، بينما ظل النظام السوري يصارع من أجل البقاء، لأنه كان متحصنا بخبرة خمسين عاما من الحكم الاستبدادي الاستخباري، ومدججا بأسلحة وشعارات الصمود والتصدي والممانعة والتي اتضح زيفها وتضليلها وهرطقتها الكاملة، ليتحول التوازن الإستراتيجي الذي رفعه نظام البعث السوري لبراميل حقيرة من الحقد توجه لإفناء الشعب السوري ولإجهاض ثورته الجبارة التي هي أعظم وأنبل ثورة شعبية في تاريخ العرب المعاصر، دون أن نتجاهل شبكة التحالفات الإقليمية الكبرى التي نسجها النظام السوري طيلة عقود طويلة من التآمر والنهب والقتل وكل صيغ الشيطنة والإرهاب والتي جعلت حلفاءه وشبيحته القادمين من إيران والعراق ولبنان يتقاطرون للدفاع عنه كما وقفت المافيا الدولية المعروفة معه في معركة المصير الواحد!، وإذا كان المالكي قد وصف الربيع العربي بالوباء، فهو إنما كان يحاور نفسه ويصف تماما وبالضبط الوضع العراقي البائس تحت إدارة الأحزاب الطائفية التي مارست الإرهاب والتي يتزعم المالكي نفسه أحدها (حزب الدعوة / المقر العام).. فهذا الحزب الطائفي ذو المرجعية الإيرانية الصرفة لم يكن يحلم بأن يصل لشبر واحد من أرض العراق لولا الأحذية الأمريكية الثقيلة ودماء (المارينز) الذين غيروا المعادلة السلطوية في الشرق القديم وأسقطوا بجهودهم وحدهم وليس بجهود وتضحيات أي فصيل عراقي معارض النظام العراقي السابق في ربيع عام 2003 ، ذلك التغيير الذي أدخل كل خفافيش الدنيا للعراق والذي لم يجلب وباء واحدا بل جعل من العراق مستوطنة للأوبئة بكل أصنافها وسلالاتها!، فقد جاء خلف غبار الدبابات الأمريكية ومن وراء اليورانيوم الأمريكي المنضب ومخلفاته السرطانية أشكال وأصناف خارج أي تصنيف سياسي أو معرفي، وتحول العراق على يديهم ليكون أرضا يبابا وضرعا تحلب خيراته جماعات لصوصية يعرفها ويشخصها الشعب العراقي جيدا، هذا الشعب العربي الأبي الذي يخوض اليوم في غمار ثورة وانتفاضة شعبية شاملة ستكنس كل رذاذ وبقايا التخلف والطائفية، ونوري المالكي وهو يوزع اتهاماته شمالا وجنوبا، شرقا وغربا هو آخر من يحق له الحديث عن الوباء، لأن حكمه وإدارته السيئة وروحه العدوانية وتيبسه الفكري لم يجلب للعراق سوى البلاء وأي بلاء!! إنه الأفظع من الوباء، حيث تضرب رياح التقسيم العاتية اليوم أبواب العراق مهددة بتشظيه ومعه المنطقة بأسرها، سيفرز الربيع العراقي بكل تأكيد أفضل خلاصاته، وسيعود العراق لحضارته وعروبته بعد إزالة الوباء المعروف، وسيبقى الربيع العربي شعلة معطاءة تنير دروب المستقبل رغم الإخفاقات والمشاكل والمعوقات. وبكل تأكيد فإن نوري المالكي خائف ومتخوف من أشياء كثيرة، لعل أهمها حتمية انهيار نظام حليفه بشار البراميلي، وسعي العراقيين الجاد والحقيقي لتصحيح التاريخ وتنظيف العراق من الأوبئة التي جلبها معه الاحتلال (الأمريكي/ الإيراني)!!.. وساعتها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...