19 أكتوبر 2025

تسجيل

العجب في أرض العرب

10 ديسمبر 2018

ما كنت أحسب أني سأعيش إلى زمن أرى فيه هذه الغرائب التي يكاد لا يصدقها عقل ولا يقبلها ضمير، فهل نحن كما يقول الناس نشهد علامة الساعة أم نذر القيامة؟ قنصلية دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة ترعى مقدسات المسلمين وتؤتمن على مخزون الأمة الروحي منذ فجر الرسالة المحمدية قنصلية المملكة السعودية في تركيا التي حكمت العالم لمدة قرون تحت راية الخلافة العثمانية تتحول إلى مسلخ بشري يذبح في حرمها الدبلوماسي رجلا مثقفا صحفيا كاتبا لم يكن يوما معارضا شرسا ولا عنيفا ثم يقطع إربا إربا ويوزع على أكياس! وتتعاقب البيانات السعودية بصفاقة غبية لتبرر ما لا يبرر وتفسر ما لا يفسر مما أكد التخبط وأيد التهمة وعزز الاقتناع بأن من أمر بارتكاب الجريمة وأعد العدة لها وغطى عليها يوجد في أعلى هرم السلطة كما تأكد الكونغرس يوم الثلاثاء فتحرك لإدانة الفاعل الأصلي. وفي مصر هذه الأيام يموت سائح بريطاني فيرسل جثمانه إلى أهله في بريطانيا وتكتشف عائلته أنه ناقص.... قلب ورئتين وأمعاء وكبد! فتراجع السفارة البريطانية السلطات المصرية التي تفيدها برسالة رسمية أنها نسيت أن تعلم أهل الميت بأن السلطة المصرية احتفظت بهذه الأعضاء من أجل.... التشريح الشرعي والتثبت من أسباب الوفاة، وطبيعي أن تشك الأسرة البريطانية في أن أعضاء ابنها بيعت في السوق السوداء! في مصر أيضا يقيم باحث أكاديمي إيطالي يقوم بدراسة اجتماعية ليقدمها رسالة دكتوراه في جامعة روما ثم يختفي فجأة عن زملائه وعائلته لأكثر من شهرين ثم نسمع أنه مات أثناء التحقيق معه! وفي الأردن يغتال رجل حقوقي هو سامي المعايطة رئيس جمعية (كلنا الأردن) في مدينة الزرقاء لأنه منذ أسبوع أعلن أنه سيكشف أسماء الأردنيين الذين يتلقون أموالا من محمد دحلان! تنشر صحيفة (يني شفق) التركية أن دحلان يعالج في مستشفى بعد كسر رقبته من قبل مجهولين بعد أن رفض تحمل جريمة قتل خاشقجي وهو ما طلبه منه مشغلوه! وفي تونس ينص الدستور على أن دين الدولة هو الإسلام ثم تكلف لجنة بتقديم مشاريع قوانين تجهز على ما تبقى من قيم الإسلام من بقية! ثم تفتح القنوات فلا ترى في حواراتها ولا برامجها أثرا لمشاغل التوانسة، لأنك تجد نفسك مع أفراد أسرتك أمام فلانة النجمة تعلن أنه لا رجال في تونس أو أمام نجمتين تتسابقان في أكل الهريسة الشطة أو أمام نجوم حقيقيين أي مواطنين مساكين في برنامج يفضح على الهواء مشاكل غريبة عجيبة تحدث في العائلات التونسية حيث قدم الديوان الوطني للعمران البشري إحصائيات مرعبة قياسية حولها فقد تمت في سنة 2017 ما يزيد على 16700 حالة طلاق أي 47 طلاقا يوميا! الأسرة تتفكك والسياسيون يتفككون والدينار يسقط باستمرار ليصبح الدولار يساوي 3 دينارات بعد أن كان في عهد المرحومين الهادي نويرة ومحمد مزالي العكس تماما فقد كان الدينار... يساوي 3 دولارات والمضحك في صيف 1986 أن مزالي.... أقيل من أجل انهيار الاقتصاد! فعين بورقيبة وزير الاقتصاد رشيد صفر مكانه! عالم تونسي غريب من عشرات السنين والحقيقة أن مزالي دفع ثمن الاستقلال المغشوش لأن وثيقة الاستقلال لسنة 1955 تنص حرفيا على التزام دولة بورقيبة بعدم اعتبار اللغة الفرنسية لغة أجنبية! وبعدم التعاون مع دول أخرى بدون المرور عبر فرنسا أو بموافقتها وهو ما (ارتكبه) محمد مزالي حين فتح أبواب التعاون مع الجزائر وتركيا والصين والخليج وأفريقيا ثم حين بدأ في تعريب التعليم دون المساس باللغتين الفرنسية والإنجليزية! هذه ذنوب الرجل الذي عملنا معه منذ السبعينيات وكان لا يدرك أننا نسعى الى التحرير الوطني الحقيقي ونصرة الهوية في بلادنا من بقايا الاستعمار أي تحقيق الاستقلال الثاني لبلادنا ولم ندرك بسذاجة المثقفين الحالمين أن الاستعمار وذيوله المحلية يترصدنا ويخطط لاضطهادنا ونفينا وبيعت بيوتنا وتشتت أولادنا ودفعنا الثمن بـ 14 سنة منفى تلاحقنا وزارة عدل عبد الرحيم الزواري بإنتربول وصحف عبد الوهاب عبد الله بتقطيع الأعراض وإشاعة الأكاذيب! وإلى اليوم تستعد تونس لإقامة الحفلات الفخمة بمناسبة (بابا نوال) وليلة رأس السنة وأعلنت الفضائيات أن فندقا في المنستير يحتفل بليلة رأس السنة مع المطرب راغب علامة.... ولعلمكم سيتقاضى المطرب المحبوب أجره بالدولار في حين تعجز الدولة عن دفع مستحقات مصانع الأدوية الأجنبية بالدولار فتقلص (الأنسولين) من الصيدليات التونسية وتهدد آلاف مرضى السكري بالموت!!! في حين يسهر أسيادنا المدللون على الموائد مع راغب علامة يحتاج التونسي البائس الى غذائه اليومي بسبب الغلاء والتضخم منتظرا رحمة جمعية (خليل تونس) !! أليس العجب العجب في عالم العرب؟