31 أكتوبر 2025

تسجيل

كثرة اللوم سهم قاتل

10 ديسمبر 2015

إن هدي الدين الحنيف يتعهد قلوب المسلمين فيغرس فيها غرسات الوفاء التي تحقق التكامل والترابط بين أفراد المجتمع؛ لذا تعد أمة الإسلام خير الأمم، فهذه خير أمة أخرجت للناس بما يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فالدين الإسلامي كثيرا ما يكون وسيلة لتحقيق الإيمان والسلام النفسي، وهو إيمان وأخلاق وعمل صالح، وهو الطريق إلى سيطرة العقل وإلى المحبة والسبيل القويم إلى القناعة والارتياح والطمأنينة والسعادة والسلام، فهل يعصم الناس من الخطأ لا توجد عصمة بعد الأنبياء، فقد يخطئ المرء، فالخطأ سلوك بشري لا بد أن نقع فيه حكماء كنا أو جهلاء، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيرا فنكبره ونضخمه، ولا بد من معالجة الخطأ بحكمة وروية، وأيا كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت وآخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء، فإن الخالق سبحانه وتعالى يعفو عن المخطئ، فلربما أنه يكون قد فعل ذلك بغير قصد فيرفع الله عن العبد المخطئ الحرج والإثم، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) رواه ابن ماجة، إن شخصية المسلم ترتكز على الإيمان بالقضاء والقدر والبر والتقوى وعلى مسؤولية الاختيار والصدق والتسامح والتعاون والقناعة، وكثير من هذه الخصال تشجع على إنماء الشخصية واكتمالها بقصد السعادة النفسية الشاملة التي تحقق للمسلم حياة آمنة مطمئنة ونجاة من الشدائد يوم القيامة. إن أصول الشخصية في البيئة الإسلامية لا تزال تقوم على القيم الحضارية المنبثقة من تعاليم الإسلام، لأن هذه القيم تبقى من العناصر الرئيسية الواقية من الأخطاء والمخففة لوطأتها عند حدوثها، فالمسلم إذا مسه طائف من الشيطان تذكر واستغفر ومن يغفر الذنوب إلا الله، فيجد الله تعالى غفورا رحيما، فلقد كانت الأمم السابقة تؤاخذ على أخطائها وتحاسب على جميع أفعالها، دون أن تكون مبررات الجهل أو النسيان شفيعة لهم أو سببا في التجاوز عنهم، في حين أن هذه الأغلال قد رفعت عن هذه الأمة استجابةً لدعائهم ورحمةً من الله بهم، كما جاء ذلك في قول الله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة : 286، فإن تربية الشخص تتضمن تقويمه في حدود إطار أخلاقي للسلوك وإن القيم الروحية والأخلاقية المنبثقة من تعاليم الإسلام كثيرا ما تهدي الفرد إلى الاستقامة والسلوك السوي، فمن يسلك بالاستقامة يسلك بالأمان وفي كل الأحوال يبقى سلوك الإنسان مرتبطا بمكارم أخلاقه المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، والتي تنظم سلوك الإنسان وتهديه إلى الصراط المستقيم وتحاسبه إن هو أخطأ أو انحرف، فيلزم علينا النظرة إليه بعين النصيحة التي تقوم على أسس دينية سليمة، فمعالجة الأخطاء لا بد أن تكون بحكمة وروية؛ حتى لا يكون لها مردود سلبي، فالمخطئ ليس مجرما وإنما هو بشر يحتاج إلى تصويب الخطأ وعدم تكراره، وهذا يتطلب منا أساليب وقواعد خاصة، منها ألا نزيد في إلقاء اللوم على المخطئ وتعنيفه؛ لأن هذا لا يأتي بخير غالبا، فاللوم مثل السهم القاتل، ما إن ينطلق حتى ترده الريح على صاحبه فيؤذيه وتذكر يا من أردت أن تقوم الخطأ وتصلحه فلا نغلق عليه الأبواب ولنجعلها مفتوحه ليسهل عليه الرجوع، فكل منا لا بد أن يشعر بالمسؤولية نحو المخطئ ويتعامل معه على أنه بشر؛ حتى يكون هذا هو السبيل لتصحيح أخطائنا فنعمل على رفعة الأمة وتقدمها.