17 سبتمبر 2025

تسجيل

حيدر العبادي فوق صفيح ساخن ؟

10 ديسمبر 2014

لا يختلف إثنان ولا يتناطح عنزان عن أن موقف رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الذي خلف زعيم الفساد واللصوصية والإرهاب السابق نوري المالكي، في منتهى الدقة والحرج والسير على الأشواك ووسط حقول الألغام!، فالرجل قد ورث تركة الجماعة الطائفية والحزبية (الدعوة) التي ينتمي إليها طائفيا وفكريا وهو جزء من إرثها الثقيل أيضا؟ كما أنه استلم دفة الأمور في العراق وهو في أسوأ أوضاعه قاطبة منذ عام 1990؟ فالبلد ثلثه في حالة احتلال من قبل الجماعات المسلحة الداعشية أو وغيرها، كما إن إرهاب جماعات (ماعش) وهي الجماعات الطائفية المسلحة والممنهجة والمدربة إيرانيا وقيامها بتدمير واستباحة مدن أهل السنة ومساجدهم وإحداث تغيير ديموغرافي في المدن العراقية قد أدى لإحراج كبير لموقف العبادي الذي ظل يحاول السير على خيط رفيع من التوازن الصعب وغير المحتمل في ظروف العراق الحالية، فبرغم النوايا المعلنة للرجل في إصلاح الأوضاع المتدهورة والكارثية إلا أن تنفيذ وعود الإصلاح ليس مسألة كلامية محضة بل إنه يرتبط ويصطدم بأطراف وقلاع ورموز فساد وإفساد متوحشة من الثعابين والحيتان والتماسيح وحتى عفاريت الطائفية الرثة من مختلف الأطراف، ملفات فساد المالكي التي دمرت العراق أكبر من أي قدرة على الإصلاح مهما كان نوعها؟ وحجم بؤر الفساد التي حفرها المالكي وجعلها ضمن دفاعاته أكبر بكثير من أي تصور بعيد عن الساحة العراقية العامرة تاريخيا بكل صور النفاق والغدر والخديعة فضلا عن الشقاق؟ العبادي في النهاية هو إنتاج عملية تحاصص طائفية رثة لا يمكن لها أن تعبر حقيقة عن المنهج الديمقراطي؟ كما أن ارتباطاته وعلاقاته وطبيعته الطائفية تجعله منحازا منذ البداية! دون نسيان حجم وطبيعة الهيمنة الإيرانية على النظام السياسي العراقي الذي تحول أخريات عهد المالكي لجزء ملحق بنظام الولي الإيراني الفقيه في طهران سواء من خلال التحالفات والتورط في العمل ضد الثورة السورية أو من خلال الاضطهاد الدموي للمعارضة الإيرانية من جماعة المجاهدين المقيمة في العراق منذ عقود طويلة!، أو من خلال السماح للحرس الثوري الإيراني بتعزيز قواعده الميدانية في العراق! نظام المالكي حول العراق لمزرعة إيرانية تسعى فيها ثعابين الحرس الإرهابي الثوري الإيراني وهو ما كافئه عليه الخامنئي بإصدار تصريحات علنية هي بمثابة فتوى تشيد به وبدوره الكبير في بناء العراق! رغم أن الخامنئي هو سيد العارفين بأن المالكي هو من دمر العراق وبنجاح وتميز كبير!! ولكنه حديث وموقف المصالح الذي يعلو على كل الأحاديث، لذلك فإن الوصفة والروشتة الصحيحة لتعديل الوضع العراقي تنطلق من ضرورة توقيف واعتقال ومحاكمة نوري المالكي وأعضاء طاقمه السياسي والاستشاري والعسكري وعلى رأسهم ضباطه الفاسدين والمسؤولين عن مقتل الآلاف من الشباب العراقي كعبود قنبر وعلي غيدان وغيرهم من أساطين ورموز الفساد والمعروفين جيدا! وهي مهمة مستحيلة في عرف حيدر العبادي الذي يعلم بأن صنابير جهنم ستفتح عليه في حال الإقدام على تلك الخطوة والتي هي خطوة مطلوبة شعبيا! ولكن الشعب العراقي لا يقرر شيئا بل إن من يقرر هو مراكز القوى الطائفية عبر قلاعها الحصينة والتي تحاول التقاط الأخطاء للفوز بكعكة السلطة الشهية في العراق، العبادي يعرف جيدا الطريق الممهدة للإصلاح والتغيير ولكنه لا يستطيع تجاوز دوره المحدود وتحدي المرجعيات الإيرانية الواسعة التأثير في العراق الطائفي، والحرب الدولية ضد ما يسمى بالإرهاب تفرض عليه معايير حذرة جدا في التحرك، كما أنه يعلم بأنه كلما يتوغل جديا في ملاحقة الفساد وأهله فإنه يقرب من يوم أجله المحتوم، فالاغتيال والتفخيخ يظل الهاجس الحاضر على الدوام، لقد بني التخادم الإيراني/ الغربي في العراق خلال سنوات الاحتلال قلاع فساد أكبر مما يمكن تصوره نظريا أنتج المئات من أصحاب المليارات المسروقة ومن الأحزاب والجماعات التي تحميهم وتذود عنهم، العبادي هو في النهاية كما أسلفنا ابن بار للمؤسسة الطائفية التي جلبته للسلطة وحولته في مفاجأة من المفاجآت العراقية المعهودة لحاكم غير منتظر ولم يكن يتوقعه أحد أو أن يكون اسمه ضمن بورصة الترشيحات المتداولة بعد اقتناع الغرب بضرورة ترحيل المالكي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه!؟ بريطانيا العظمى تعرف رجالها جيدا وتعدهم لليوم الموعود!! ولكن مفاجآت ونفاق الطبقة السياسية العراقية أكبر من كل ماهو متصور! لا طريق أمام العبادي لنجاح التغيير الذي يتنغم به على الدوام سوى محاكمة نوري المالكي وتنظيمه العصابي؟ فهل يتمكن الرجل من ذلك؟ لو فعل سيدخل التاريخ؟ ولو نكص وتراجع فهو لن يختلف عن الآخرين مجرد رجل عابر في مرحلة عابرة وبشعة!! الرجل يتقلب فعلا على صفيح العراق الساخن الرهيب؟