11 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب الأمير على طاولة الرئيس (3)

10 نوفمبر 2015

"يجب معالجة الارتفاع غير المبرر في أسعار العقارات أيضا، ويعرف الجميع أن التكاليف التشغيلية المرتفعة في المجالات كافة تصل في النهاية إلى الدولة وتضخّم ميزانيتها، وهذا لم يعد ممكنا".. هذه العبارة شدد عليها سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه الذي افتتح به الدورة الجديدة "الرابعة والأربعين" لمجلس الشورى.في تحليل النص استخدم الأمير تعبير "يجب" ولم يستخدم عبارة دراسة أو استكشاف أو ما إلى ذلك واستخدم "معالجة" الارتفاع "غير المبرر" وهو هنا يتحدث عن حالة مرضية في السوق تضر بالإنسان والدولة ككل، فهناك ارتفاع "مرضي" و"غير مبرر" وليس مقبولا، كما أنه استخدم عبارة "هذا لم يعد ممكنا"، وبما أنه غير ممكن فيجب وقف ارتفاع أسعار العقارات وإيجاراتها التي وصلت إلى أرقام فكلية بكل ما في الكلمة من معنى، في عام 2003 كان من الممكن استئجار فيلا بقيمة 2500 ريال ويبلغ أجرة نفس الفيلا حاليا 15 ألف ريال، أي أكثر من 5 أضعاف، في حين أن الرواتب لم ترتفع في المجمل إلى هذا الحد الكبير، أما أجرة المحلات التجارية فكانت تتراوح بين 1500 إلى 3000 ريال حسب الموقع وحاليا فإن الحد الأدنى لأجرة المحل التجاري ارتفعت إلى 15 ألفا في حدها الأدنى وتصل إلى 35 ألفا للمحل التجاري العادي بمساحة لا تزيد عن 40 مترا تقريبا، ناهيك عن الأسعار الخرافية التي تدير العقل.هذه الأسعار المجنونة أدت إلى قيام التجار برفع الأسعار بشكل كبير، مما ألقى أعباء كبيرة على المواطنين والمقيمين، وعمد كثير من الموظفين المقيمين إلى "ترحيل" أسرهم إلى بلادهم الأصلية بسبب عدم قدرتهم على دفع أجرة الشقة أو الفيلا، وقام البعض بالسكن مع بعضهم البعض بشكل جماعي، أو لجأ البعض إلى تقاسم الشقق والفلل للتخلص من الأعباء الكبيرة للأجرة.كما ارتفعت أسعار الأراضي إلى أرقام كبيرة، مما أدى إلى رفع أسعار البيع إلى الضعف أو أكثر من ذلك، وحاليا فإن الحديث عن شراء شقة أو فيلا هو حلم بعيد المنال للغالبية العظمى من المواطنين أو المقيمين، لأننا نتحدث عن مبالغ بالملايين، فقد ارتفع الأسعار إلى 3 أضعاف على الأقل، والفيلا التي كانت تساوي مليون ريال أصبحت حاليا 3 ملايين أو أكثر. ولا أريد أن أتحدث عن أسعار المتاجر و"الخلوات" الكبيرة، وفي النهاية تسحب من جيب المواطن والمقيم، وكما أكد سمو الأمير فإن هذا الارتفاع غير المبرر يجب معالجته لأن القبول به لم يعد ممكنا.هذا التوجيه الأميري يحتاج بدوره تدخلا سريعا من الحكومة لكبح جماح أسعار الأراضي، وخلق آليات كابحة للأسعار، ووضع ضوابط ومحددات وشروط صارمة على القطاع الخاص، خاصة الملاك الكبار القادرين على التحكم بالسوق، وهم الذين استفادوا طويلا من "كرم" الأسعار التي دفعتها الدولة لاستئجار عقاراتهم، وبما أن الدولة هي مستأجر كبير للعقارات، فهي تملك أدوات الضغط عليهم بوصفها "الزبون" الأكبر، لأن من شأن ذلك أن يحد من التكاليف ويقلل من تضخم الميزانية كما قال سمو الأمير.