16 سبتمبر 2025
تسجيلكثيراً ما يسألني الناس، كما يسألون غيري من كتاب الأعمدة الصحفية اليومية: من أين تأتون بالأفكار كي تمارسوا الكتابة اليومية؟ وهناك الطيبون الذين يقولون لي ولغيري من كتاب الأعمدة الصحفية: والله إنك عبقري تكتب مقال يوم ورا ما شاء الله عليك، فأقول لهم وش رأيكم انني اكتب يوم ورا يوم وشهر ورا شهر وسنة ورا سنة (على وزن بيت، بيت، زنقة، زنقة.. واللي زنقنا يخلصنا) ويكون ردي الحقيقي حسب حالتي المزاجية لحظة تلقي السؤال: ومن قال لك إن الكتابة تتطلب «الأفكار» أو التفكير؟ أو: بالممارسة والخبرة تستطيع ان توليد الأفكار وان تصنع من الحبة قبة! أو: الكاتب المحترف يمارس نوعا من البلطجة والفهلوة بإعادة تدوير/ طرح ما كتبه من قبل! ولكن وفيما يخصني فإن الإجابة الجادة جدا على ذلك السؤال هي أنني وبحكم عملي في مجال الإعلام، اطلع يوميا على أحداث مختلفة وتستوقفني وقائع وأفكار معينة، وعلى مدار اليوم يظل جيبي محشوا بقصاصات من الصحف او ملاحظات سجلتها للاستفادة منها في مقالاتي. بل عندي ملفات تتعلق بأشياء أود أن اكتب عنها ببال رائق مقالات مطولة تصلح لأن تضمها دفتا كتاب عندي مثلا أوراق كثيرة فيها المضحكات المبكيات عن التعاميم والمنشورات الإدارية من مختلف الدول العربية تؤكد ان هناك جيشا جرارا من الأغبياء يديرون مرافق حساسة وهم لا يعرفون أكواعهم من أبواعهم، وكلما ذهبت الى مدينة أسجل في قصاصات أسماء المحلات التجارية والشركات أو محتويات الإعلانات التجارية التي تنم عن جهل فاضح (ومنها ما سبق ان كتبته من قبل عن دكان في الخرطوم تقول لافتته: ثلاجة البشرية.. هونا يباع الثلج البارد! ولا أعرف لماذا لم يرفع أصحاب محلات بيع الثلج الأخرى دعاوى قانونية ضده باعتبار انه يتهمهم ضمنا بأنها ببيع الثلج الساخن!!، وعندي ملفات لترجمات في غاية الطرافة ومن بينها رسالة ماجستير كاملة كان مطلوبا مني مراجعتها وتصحيحها بعد ان ترجمها أحدهم من العربية الى الإنجليزية، وقد اطلعت على نحو أربع صفحات من الرسالة ونصحت صاحبها أن لا يقدمها حتى الى الجامعة العربية تفاديا لسحب البكالوريوس منه! وخسرت الآلاف التي كان ينبغي أن أجنيها من وراء الترجمة ولكنني ربحت راحة بالي وضميري (نال صاحبنا الماجستير بتلك الرسالة التي لو عرضناها على غوغل لاختل عقله، رغم أن غوغل هو أسوأ مترجم عرفه التاريخ) باختصار لا يكاد يمر يوم دون ان اجمع مادة عجيبة وطريفة لاستخدمها في مقالاتي أو مشاريع الكتب التي أعتزم إصدارها (وهي مشاريع بدأت فيها قبل ربع قرن وما زالت «مشاريع» مما يؤكد أنني.............. سوداني! ولكن من باب الانصاف لنفسي فقد أصدرت حتى الآن ثلاثة كتب، وعندي أربعة كتب جاهزة للدفع الى المطبعة، بس مو فاضي!!)، أما أكثر المجالات التي تزخر بالطرائف والأخطاء المضحكة فهي الإعلام. فهناك المذيع الذي كان يستضيف عراقيا اسمه بطرس عبد المسيح وسأله: الأخ سني أم شيعي؟ وصديقي م. ك. الذي اختتم نشرة الأخبار ذات مرة وقال: موعدكم مع نشرتنا المقبلة بعد أربعين ساعة ان شاء الله. عندما كنت أعمل في تلفزيون بي بي سي العربي، وكان زميلي عمر العيساوي يقضي إجازته بين أهله في جنوب لبنان، وذات يوم قامت اسرائيل بعملية عسكرية واسعة هناك واتصلنا به كي يجمع معلومات عن العملية ليكون ضيفا على نشرة الأخبار لاحقا، وجاء موعد النشرة واتصل صحفي برقم زميلنا العيساوي وحوَّل المكالمة الى الاستوديو، وقال المذيع: معنا من جنوب لبنان زميلنا عمر العيساوي فرد من يفترض انه العيساوي: أنا مو عمر، أنا خالو لعمر.. اضطرب المذيع وقال: طيب يا خالو لعمر ما هي الأوضاع الآن في جنوب لبنان فرد الرجل: يا زلمي حِل عني.. ماني فاضي لك. [email protected]