12 سبتمبر 2025

تسجيل

زوايا المثلث التربوي

10 سبتمبر 2015

1 — زاوية الأسرةإن المثلث التربوي أعني به تربية النشء ويقوم هذا المثلث على زوايا ثلاث أهمها زاوية الأسرة، فالأبناء هم النعمة التي وهبها الله لنا، لذلك جعل المال والبنون زينة الحياة الدنيا فأبناؤنا هم أملنا وأمل بلادنا وقوام مستقبلها وهم أمانة في أعناقنا وغرس أيدينا، فتقع على عاتق الوالدين مسؤولية عظمى وتلك هي مسؤولية الأسرة، فما نزرعه فيهم نجنيه منهم وما نربيهم عليه ونبثه فيهم من قيم ومبادئ أو نعلمه لهم من معارف وقناعات ومفاهيم يساهم بشكل لا يمكن لأحد أن يجادل فيه في تكوين شخصياتهم وتشكيل ملامحهم النفسية والسلوكية، فالأبناء يولدون صفحة بيضاء ينقشها الآباء والأمهات بفكرهم المستنير في التربية الصالحة، فالحياة بدون هدف لا قيمة لها والهدف ما لم يكن ساميا وكبيرا يظل نائيا وبعيدا، فإن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق ويحرص على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف ويعمل على تطوير مجتمعه والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس.فلكي يعيش الفرد حياته على جانب من الالتزام والمسؤولية بحيث يكون صادقا مع نفسه ومع غيره ومع عمله ومجتمعه لا يخاف إلا الله، فإن ديننا الحنيف يعتمد في بنائه للمجتمع على افراد أقوياء النفوس ممتلئين بالعزم والقدرة على الثبات، فكلما كان الطابع الغالب على المجتمع طابع من تقوى لله تعالى وعلم تبنى به الأمة حياتها وعمل دؤوب يعمل على الإصلاح؛ كلما كانت شبكته الاجتماعية شبكة متينة الإحكام قوية الأركان متماسكة البنيان، فإن أبناء اليوم الذين هم عماد المستقبل وأمل الأمة تراهم يتهافتون على مغريات الحياة الدنيا كتهافت الفراش على النار ولم يدر بـخلده أنـها ستحرقه، إنها مغريات كثيرة إحداها القنوات الفضائية الخليعة هـذه الفتنـة العظيمة وهذه البضاعة المنتنة يتسابق عليها بعض من الأبناء الذين ساءت تربيتهم وبعدت عنهم عين المتابعة والرقابة برغبة جامحة من أجل جسد عريان أو راقصة خليعة ،أو نظرة محرمة ألم يعلم هؤلاء إنه غزو الفكر والعقل واستثارة الشهوات الكامنة لينتج عنها فضيحة المجتمع المسلم باتباع أدعيائهم من الغرب وتقليدهم ويصبحون هم قادتنا بعد أن كنا نقودهم وسادتنا بعد أن كنا أسيادهم، فلن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، ولهذا اهتم الإسلام كثيرا بالتربية وحثنا على الاعتناء بالنشء والاهتمام بتربيتهم والحرص على تكوين الشخصية السوية وصياغة أفكارها وتهذيب سلوكها لتحقيق الأهداف المنشودة وإكسابها المهارات والخبرات اللازمة، فالأسرة هي اللبنة الأولى في التربية والتي تقع عليها المسؤولية العظمى في بناء الأجيال وتخريجهم إلى الواقع، ولهذا فإن الله أمر على أن يترحم العبد على والديه بسبب تربيتهما له وحين تربي الأسرة طفلها فإنها تشكل اتجاهاته وميولاته وفق معايير معينة تقوم على أسس الدين ومنهج القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم لتعينهم على تكوين النظرة السليمة للحياة، وهذه التربية مقترنة بالتعليم الذي يصقل ملكات الأفراد وينمي مواهبهم بهدف تهذيب الأخلاق، وإبعادهم عن كل طرق الانحراف والضياع.فإن على الأسرة أن تربي الأبناء على حب الله عز وجل والأدب معه ومع كلامه ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع كلامه وغرس ذلك في نفوسهم وتنشئتهم عليه والمحافظة على شعائر الدين الظاهرة والباطنة، وجعلها من الأمور التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقصر عن أدائها أو يتنازل عنها، فإن من أهم القواعد في بناء الشخصية وصنع النجاح هو الثقة بالنفس والقارئ لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أنه قد عمل على صنع ثقة الشباب بأنفسهم فقد قام بإعطاء الشباب الكثير من المسؤوليات الكبيرة والمهمة مما أدى لزيادة الثقة بأنفسهم وتنمية إرادتهم، فمجتمعنا اليوم يمر بتحديات تحتم عليه أن يأخذ بكل أسباب العلم والقوة والعمل، وكم في ذلك من سعادة غامرة وبهجة تامة بحيث تبدو الحياة أمام الإنسان ناصعة مليئة بالسرور والارتياح والاطمئنان والرضا، فإن بناء الأجيال وتربيتهم أمر من الأمور المهمة في الحياة وهذه التربية لابد أن تقوم على أساس قوي من المنهج السليم والعقيدة الصافية التي لا يخالطها أي شائبة وتربية الأجيال لها عدة أطراف لا بد من أن تجتمع لتحقق هذا الهدف وهو إخراج الجيل الفريد وهذه الأطراف هي الأسرة والمدرسة والمعلم فهذه هي العناصر والأركان الأساسية التي تقوم عليها قضية تربية وبناء الأجيال.