15 سبتمبر 2025
تسجيلمن المؤكد أن هناك مخزونا تراكميا هائلا في المسار السياسي بالنسبة للمواطن العربي من واقع التجربة التي عايشها عبر العصور والعهود والحقب والفترات الزمنية للتاريخ الإسلامي الذي سادت وبادت فيه كثير من الدول والدويلات، ولكن للمفارقة أن هذا المواطن لم يكن سلبيا في تعاطيه مع مجريات الحالة السياسية ومتغيراتها في تلك العصور والعهود، وإنما الذي حدث أنه في العصور الحديثة أصابته حالة من الجمود والنمطية في التعايش مع الأحداث والقبول بالمجريات على علّاتها. ربما كان لتعدد الاتجاهات الفكرية والثقافية والكيانات السياسية أو حتى حالات التخلف الاجتماعي والاستبداد السلطوي الدور الأكبر في خمول المواطن العربي، فلم تعد هناك محفزات للمشاركة السياسية التي لا تأتي نتائجها بخير مهم على الواقع، ولذلك أصبح المواطن متنازعا بين عدة اتجاهات تتحدد في من يقف موقف المتفرج بسلبية مطلقة حيال التحركات السياسية الحديثة، وهناك طائفة من المواطنين تحركهم النخب السياسية لخدمة أجندتهم، وهؤلاء وصوليون وفاسدون ومنتفعون، أما الشق الأخير فهو المواطن المنظّر فتجده في كل زاوية ابتداء من المجالس وحتى وسائل الاتصال الحديثة وهذا خطير ومؤثر على العملية السياسية خصوصا إن كان تنظيره مبنيا على جهل وثرثرة. بالنظر في واقع المشهد السياسي العربي الحالي، فقد استعادت الجماهير تأثيرها ونفوذها في العملية السياسية ولكن لا يزال الوعي السياسي لدى المواطن في مرحلة متواضعة، وذلك سببه مشكلة واقعية في المجتمع العربي وهي صعوبة إدراك المشهد السياسي الحاضر الذي يبدو سيره إلى تشكيل ملامح الاستقرار الوطني، رغم استخدام السياسيين للمواطن في طاولة الشطرنج الوطني، لذا يحتم على المواطن العربي الفهم السياسي الصحيح للأحداث لكي يعرف ما له وما عليه وأن يبتعد عن حديث الفتنة، وكذلك عدم إشراكه في المعارك والصراعات السياسية لخدمة حزب أو تيار بعينة وتشويه وإقصاء الآخر، ولا بد للمواطن العربي أن يقرأ الأحداث التي تدور من حوله وفقا لتطوير وعيه، واستيعاب الدروس من الحراك الثوري الذي حدث والثقة في أن بإمكانه التغيير والمشاركة في العملية السياسية والاقتصادية دون تضييق أو عبث بالحريات والحقوق والتعرض لأي مظاهر استبداد تنتقص من قيمته الوطنية والسياسية، وهي بحق مرحلة انتقالية مهمة في سيرة العربي المعاصر لا يمكن أن تعود إلى الوراء.