17 سبتمبر 2025

تسجيل

إعادة نظر في عادات رمضانية

10 أغسطس 2010

تختلف العادات الرمضانية باختلاف المجتمعات الاسلامية، وترتبط هذه العادات بالموروث الشعبي لتلك المجتمعات، كما ينتج عنها بعض التصرفات أو الأنماط السلوكية التي مهما اختلفت أو تنوعت فإنها لا تمس جوهر العقيدة، ولا تتعارض مع شروط وواجبات الصيام، وابتداء من وجبة الافطار تختلف العـادات فهناك من يكتفي عند سماع الأذان بتناول حبات من التمر يتبعها بقليل من الماء ثم يذهب لصـلاة المغرب وعندما يعود من المسجد تكون الموائد قد اكتمل تجهيزها فيقبل على الأكل متفرغاً له دون أن يتركه حتى يشبع، وهناك من إذا سمع الأذان اتجه الى الأكل بشراهة فلا يتركه إلا بعد أن يشبع ثم يسارع الى المسجد للصلاة، وهناك الموائد الجماعية للافطار التى يتبرع بها الميسورون لفقراء المسلمين، وهناك من يفضل الافطار في المسجد الذي يحمل إليه بعض الأهالي بعض الأطعمة الرمضانية، واقتداءً بالسنة المحمدية، فإن التمر لابد من وجوده على مائدة الإفطار.وكثيراً ما تحفل مائدة الافطار بالعديد من أنواع الأطعمة وفي مقدمتها (الشوربة) والمعجنات والحلويات وغيرها من الأطعمة الرمضانية، ومن العادات السيئة أن يملأ المرء معدته، وكأنما يريد أن يعوض ما فاته طوال يومه، متناسياً قوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).وقول الرسول صلـى الله عليه وسلم: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه) رواه الإمام احمد وابن ماجه والترمذي.ومما رواه ابن السني وأبو نعيم وحسّنه السيوطي قوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا تصحوا) فهناك من ينسى الفوائد الصحية للصيام الذي يحد من شهوات النفس الأمارة بالسوء لأن الشبع يحمل على البطر والغفلة. فالصيام يروض النفس ويقـوي الإرادة ويعـود على الصبر، ويقوي ملكة التقوى وهي الحكمة البارزة من الصوم لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).فالاقبال على الأطعمة بشراهة هي عبودية للشهوات وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشهوات التي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى) رواه الإمام أحمد، ومن أسوأ ما يترتب على الاسراف في الطعام الكسل والخمول والتهاون في أداء صلاة التراويح وقيام الليل وتلاوة القرآن، وبذلك يتحول هذا الشهر الكريم الى شهر للأكل والنوم، لدى من غفلت نفوسـهم عن ذكر الله.فشهر رمضان موسم عبادة، يضاعف فيه الأجر وتستجاب فيه الدعوات بإذن الله، وتسمو فيه النفوس عن أدران الدنيا وخطاياها ليكون العمل خالصاً لوجه الله، ابتغــاء مرضاته ورجــاء مغفرته، لقوله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ولأحمد (وما تأخر) واسناده حسن.إن من السفه تعويض مافات في النهار من الأكل.. في الليل، لارهاق المعدة، والتكاسل عن العبادات، والإسراف في اعداد كميات كبيرة من الأطعمة الرمضانية تفوق أضعاف الحاجة إليها، فتمتلئ منها البطون ثم تمتلئ منها أوعية النفايات.ومن العادات السيئة التى يلجأ إليها بعض الصائمين هداهم الله أنهم ما أن يفطروا، حتى تلهيهم الدنيا عن العبادات، فيقضون الليل فيما لا يفيد ولا يعود عليهم بالثواب، بل يدفعهم الى المعصية لا قدر الله، مع أن العبادات مشروطة بترك الكبائر واجتناب النواهي وكثيرة هي المغريات، في هذا الزمن التي قد تدفع بعض من ضعف إيمانهم الى الانجراف وراء بريقها المزيف، وهي مغريات لم تكن معروفة في السابق، ولكن العلم الحديث قد انتجها ضمن ما أنتج من مساوئ العصر، وبدلاً من حلقات الذكر في المساجد أصبحت هناك حلقات التجمع لمشاهدة مسلسلات وبرامج وأفلام التلفاز، وحلقات لعب (البيلوت) وكلها مضيعة للوقت وجالبة للإثم مادامت تشغل العباد عن العبادة، وتنسيهم ذكر الله. والاستفادة من الشهر الكريم لا تتحقق من مثل هذه الممارسات، ولكنها تتحقق بترك الزور قـولاً وعملاً، واجتناب المعاصي مبدءاً وسلوكاً، والانصراف الى العبادات عقيدة ومنهجاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري. وقوله: (الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم) رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن.ومناسبة رمضـان بجلالها وما توحي به من عظمة العلاقة بين الخالق والمخلوق.. جديرة بأن يتخلى فيها المرء عن كثير من العادات السيئة، لأن الصوم يمنحه فرصة التأمل في تلك العادات وما يمكن أن تعود به من ضرر على المرء وهذا التأمل كفيل بأن يكون دافعاً لترك كل ما هو سيئ وخبيث[email protected]