13 سبتمبر 2025

تسجيل

الاعتداء على المسجد النبوي

10 يوليو 2016

المجرم الذي أقدم على تفجير نفسه قبالة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، خارج عن إطار العقل والدين والأخلاق والإيمان والملة، ومن يقدم على هذا العمل المشين والرديء والمنحط لا يمكن أن يكون مسلما صحيح الإسلام، لأن المسلم لا يمكن أن يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يعتدي على مسجده وعلى حرمته.هذا الاعتداء الإجرامي الغاشم يكشف عن الحال الذي وصل إليه بعض أبناء هذه الأمة من التطرف والتشدد الجاهل والغبي والخارج عن كل المبادئ والشرائع والشروط الإيمانية، ما ينذر بسوء الأوضاع ورداءة الأحوال وانهيار الأخلاق لدى طائفة من أبناء هذه الأمة، الذين ينتحرون وينحرون غيرهم، إلى درجة وصلوا معها إلى الاعتداء على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.لا يجوز التسامح مع هذا النوع من الأفعال الإجرامية الشاذة والدموية لأنها تدمر أسسس هذه الأمة وتعتدي على قائدها ومؤسسها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نفديه بأرواحنا ومهجنا وأنفسنا، فلا قيمة للحياة إذا لم ندافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجده ومدينته.إن مشكلة التطرف المجنون والجاهل في العالم العربي قد تجاوزت كل حد، ووصلت إلى مستويات تهدد الأمة في وجودها، وهذا يتطلب تكاتف كل الجهود من أجل محاصرة هذه الظاهرة المرضية قبل أن تتحول إلى وباء يفترس الأمة كلها، ولابد من إعلان الحرب على هؤلاء المتطرفين، والحرب لا تعني هنا باستخدام السلاح فقط، فالحلول الأمنية فاشلة، وأثبتت أنها لا يمكن أن تؤدي إلى أي نتيجة، ولكننا نحتاج إلى حرب من نوع آخر، حرب فكرية ثقافية عقائدية ترفع منسوب الوعي لدى شباب الأمة وتحصنهم ضد الأفكار المتطرفة والمتشددة والمتزمتة الجاهلة والمتمرسة خلف ترسانة من الأفكار المريضة والتفسيرات الخاطئة لآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية والتاريخ الإسلامي. وهذا يتطلب تمكين العلماء الصادقين الطاهرين من مخاطبة الشباب والطلاب والطالبات، فهؤلاء العلماء هم فقط القادرون على مواجهة موجة التطرف العاتية.لكن الحملة ضد التطرف لن تنجح ما لم تضع الأنظمة العربية الحاكمة حدا لتطرفها واستبدادها واحتكارها للسلطة، فبدون وجود تداول للسلطة وتطبيق للشورى، وقمع للفساد ومحاسبة الفاسدين لن تمتلك هذه الأنظمة أي مقومات لمواجهة المتطرفين، الذين يجدون في فساد هذه الأنظمة مادة غنية لترويج أفكارهم المريضة والعنيفة.وربما يكون أفسد ما تقوم به بعض الأنظمة العربية هو الاعتداء على المساجد، وملاحقة الشباب المسلم المتدين، وتسليط الإعلام الفاسد لشن حملات على الإسلام بشكل مباشر وغير مباشر، وصولا إلى قيام بعض الأنظمة العربية بتمويل الحملات على الإسلام والمؤسسات الإسلامية وشن حرب شعواء عليها.لن تنجح الحرب على التطرف والمتطرفين في العالم العربي ما لم تتوقف الأنظمة العربية عن محاربة الأحزاب والتنظيمات الإسلامية الوسطية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، لأن محاربة هذه الأحزاب والتنظيمات الوسطية يقدم الدليل القاطع للمتطرفين أن المشاركة السياسية والاجتماعية السلمية لا تجدي، وأن اللجوء إلى صناديق الرصاص أجدى وأنفع من اللجوء إلى صناديق الاقتراع، وأن العنف هو الحل الوحيد الممكن.لم يكن العرب قبل الإسلام شيئا، ولن يكنوا شيئا من دون الإسلام، وهذا ما يجب أن تفهمه الأنظمة العربية، فالعرب هم مادة الإسلام، والإسلام هو مادة الحضارة، والإسلام هو طريق الوحدة والتقدم للأمة العربية، وتبني هذا المفهوم من شأنه أن يخلق حالة عربية إسلامية وسطية معتدلة بعيدة عن العنف والتشدد والتطرف، ومن شأنه أن يخلق حالة عامة معادية للتطرف، والقضاء على أي بيئة صديقة للمتطرفين في العالم العربي، وبغير ذلك فإن العنف سيستمر، وسنغرق من موجة أخرى من الدم والدموع. ويبقى أن الظلم والاستبداد ولا أي سبب آخر يبرر إطلاقا الاعتداء على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسجد رسولنا وقائدنا ومدينته خط أحمر لا يقبل أي مسلم الاقتراب مهما كانت الأسباب والمبررات.