13 سبتمبر 2025
تسجيلالتفكر أصل الخير والشر فإن الفكر مبدأ الإرادة والطلب وأنفع الفكر الفكر في مصلحة العبد وفي طرق اجتلاب الخير، وفي دفع مفاسد الشر وفي طرق اجتنابها، فالتفكر نشاط واسع جدا أن تُعمِل فكرك في الشيء تقلبه على وجوهه، وأعلى درجات الفكر التفكر في آلاء الله ونعمه وأمره ونهيه، وطرق العلم به، وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة نبيه وما والاهما، وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة والمعرفة، تعرفه وتحبه إن فكرت في آلائه، فإذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها وفي الدنيا وخستها وفنائها، أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، وكلما فكر في قصر الأمل وضيق الوقت أورثه ذلك الجد والاجتهاد وبذل الوسع في اغتنام الوقت، هذه الأفكار تعلي همته وتحييها بعد موتها وسكونها، والأفكار الرديئة التي تجول في قلوب أكثر الخلق كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه، ولا أعطي الإحاطة به من فضول العلم الذي لا ينفع، فإن أيام شهر رمضان حقا هي أيام طيبة مباركة يعيشها المرء الآن مما يستوجب عليه أن يكون مؤمنا بالله حق الإيمان وثيق الصلة به، دائم الذكر له والتوكل عليه يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب ،ويحس في أعماقه أنه بحاجة دوما إلى قوة الله وعونه وتأييده ،مهما بذل من جهد ومهما اتخذ من أسباب يقول الله سبحانه وتعالى:( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكر كثير وسبحوه بكرة وأصيلا )الأحزاب:41-42.فإن إيمان المسلم يجعله يذكر ربه في كل وقت ويراه في كل شيء من مشاهد الطبيعة وأحداث الحياة ومثله الأعلى في ذلك النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان يذكر الله في كل أوقاته وأحيانه في يقظته ومنامه وذهابه وجلوسه ،وليست حقيقة الذكر باللسان فقط بل لابد أنه ينشأ أولا في الشعور والوجدان ثم يفيض على اللسان مناجاة وتسبيحا وتحميدا وتنزيها وحينئذ يكون المسلم من الذاكرين لله حقا الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما ،والمسلم الذي يذكر ربه يذكره ربه كما يقول الله عز وجل في الحديث القدسي :( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ) رواه أحمد، فما أعظم هذا الذي يذكره ربه ويرعاه وإذا سأله استجاب لدعائه ومن هنا يجب على الإنسان المؤمن أن يذكر ربه بلسانه ويناجيه بقلبه لأن الذكر حياة للقلب ونور له والغفلة عنه موت وظلام ،أما الذي يغفل عن ربه وذكره فهذا ينسى حقيقة الوجود ويجهل سره ،ولهذا لا ينبغي للمسلم أن ينسى ربه أو يغفل عنه وإلا فماذا يذكر إن نسي ربه، إن من أعظم الذكر وأجله تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه والتفكر في آلاء الله وحسب المسلم التقي الواعي أن يتأمل الصورة الجميلة المحببة إلى قارئ القرآن التي رسمها الرسول الكريم ببيانه البليغ الفذ ،ليملأ بياض أيامه وسواد لياليه بتلاوة القرآن الكريم والتغني بمعانيه العالية المباركة ،فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ فقال :أن تموت ولسانك رطب بذكر الله عز وجل فما أجمله في أيام الذكر وأيام القرآن وهي أيام وليالي شهر رمضان، فلا ينسى المسلم الحق وهو يتعهد نفسه ويبني كيانه الجسمي والعقلي ،أنه ليس مكونا من جسم و عقل فحسب وإنما يدرك أن له قلبا يخفق وروحا تهفو ونفسا تحس وأشواقا عليا تدفعه إلى السمو والاستغراق في عالم العبادة ،والتطلع إلى ما عند الله من نعيم والخشية مما لديه من أنكال وجحيم ،ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعتني بروحه ،فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار بحيث يبقى يقظا متنبها متقيا أحابيل الشيطان الماكرة ووسوسته المطغية.