14 سبتمبر 2025
تسجيلتبدو النساء التاهيتيات في لوحة بول غوغان ذاهلات عن ما حولهن ، فيما الإنكسار والحيرة ينعكسان على مُحياهن ولسان حالهن يقول من نحن ، ومن أين أتينا والى اين نحن ماضيات؟ . وما أشبهنا اليوم بنساء غوغان ونحن نتخبط في هذه اللجج المضطربة أوطان تُحتل ورؤوس تقطع وبشر يُحرقون أحياء ، نساء وأطفال يُسبون ومدن تُدمّر وآثار لحضارات عريقة تأتي عليها معاول الهدم ، كتب تتلف ومساجد وكنائس ودور عبادة تنسف بالمتفجرات ، فما أشبه أوطاننا العربية في هذا الزمن بورقة خريف جافة تذروها الرياح.كل هذا الإرهاب يكتسح بلادنا ويدمّر حياة الملايين من المسلمين ومن عاش مع المسلمين لقرون طويلة في سلامٍ وتناغمٍ تام ، وبإسم الإسلام، الدين الذي إستمداسمه من السلام وكان الرحمن الرحيم أول اسم يرتبط بلفظ الجلاله (الله) ، وأول صفة يصف بها عز وجل نفسه.كفر وهمجية جنكيز خان لم تخففان من ذنوبه عندما إكتسح العالم وأحرق وقتل كل ما صادف في طريقه حيث سُجل في سفر التاريخ كأشد القتلة غلواً وسفكاًللدماء ، لكن من يدعي الإسلام ويربط بينه وبين إستباحة دماء الناس وأعراضهم مذنب آلاف المرات أكثر من جينكيز خان.من أين هبت علينا هذه الريح الزؤوم وأي أبواب جنهمية فُتحت علينا ومن أين يستمد هؤلاء فتاويهم السادية ومن أين يستوحون أوهامهم ويستحضرونأمراضهم النفسية وكراهيتهم المزمنة للآخرين ، وكيف للبعض أن يجد لهم المبررات بعد أن أستعادوا في توحشهم وقسوتهم جرائم التتار في الشرقالإسلامي وممارسات محاكم التفتيش في أوروبا القرون الوسطى.الإرهاب أصبح حقيقة واقعة تجتاح بلادنا العربية وتهدد حياة الأبرياء من الناس في وضح النهار في المساجد والمدارس وأماكن العمل والأسواق ، لكنالإرهاب الآخر الذي يعيش في داخلنا يكمن في الطائفية البغيضة التي إنطلقت كالمارد تحرق النفوس وتقضي على التعايش والوئام بين شركاء الوطنالواحد . وأمام هذا الطوفان الشاذ والغريب من الكراهية والطائفية والعنف الذي يقضي على كل ماعداه يجب أن نقف ونحاكم أنفسنا ونراجع كل ما ورثناه من مفاهيم نعتقد إنها ثابتة.قديما قال مونتسكيو الشعوب السعيدة لا تاريخ لها وبينما تسير معظم أمم العالم نحو الأمام بعد أن تصالحت مع أنفسها ومع ماضيها ، نصرّ نحن علىالعيش في الماضي السحيق ونستمر في جلد ذواتنا ومحاكمة أنفسنا على أحداث مرت عليها قرون طويلة وكان أبطالها أشخاص أصبحوا في ذمة الله ، وله وحدهسبحانه وتعالى حق حسابهم. أوطاننا العربية أمانة في أعناقنا جميعاً إما أن نقودها نحو بر الأمان وإما أن نتركها فريسة للأرهاب والكراهية والطائفية والتزمت ورفض الآخر ، لننحدربعدها نحو هاوية عميقة لا قرار لها.