14 سبتمبر 2025

تسجيل

الدوحة في قلب خريطة التحولات الدولية 2

10 يونيو 2022

عرضنا في الجزء الأول من مقالنا شهادة الخبيرة الدولية د. تانيا نايومان، المحللة الائتمانية بمؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف العالمي، في تصريحاتها لـ الشرق منوهة بالدور المتميز لدولة قطر بفضل حكمة قيادتها في تعديل التوازن العالمي في قطاع التزود بالطاقة من غاز وبترول وأهم استنتاج خرجت به السيدة الخبيرة هو أن دولة قطر بسياساتها العقلانية سخرت الطاقة لخدمة السلام واعتمدت تلك الثروة الطبيعية لتعزيز العدالة في العلاقات الدولية وهو ما تأكد كما قالت الخبيرة أثناء الجولة الأوروبية لحضرة صاحب السمو التي رسخت رسالة الدبلوماسية القطرية في هذه المحطة المتأزمة من حرب روسيا وأوكرانيا والزلزال الذي عصف بالعالم من جراء فوضى الواردات الطاقية وصادرات القمح لشعوب العالم من موانئ أوكرانيا وروسيا وهما المزودان الأساسيان للحبوب مما يهدد عددا من دول القارات الخمسة بالمجاعة وهنا نواصل استعراض شهادة السيدة تانيا نايومان التي قالت في تصريحها لجريدة الشرق:» إن الزيارات الدبلوماسية العديدة والمباحثات المهمة التي عقدها صاحب السمو في جولته الأوروبية، كانت قضايا الطاقة محوراً رئيسياً فيها ولقاءات مع مختلف الرؤساء والمستشارين والمسؤولين في أوروبا والتباحث حول السيناريوهات المستقبلية لبحث خطط شراكة وتأمين احتياجات طويلة المدى، والأمر نفسه تجده مرتبطاً في المباحثات من أجل زيادة النسبة الإجمالية التي توردها قطر إلى أوروبا والتي تعد بنسبة 5% فقط من إجمالي إنتاجها الذي تصدره، بدلاً من تركيز الإستراتيجية القطرية في تسويق منتجها على الأسواق الأسيوية بنسبة تقترب من 80% من إجمالي توريداتها إلى أسواق كوريا واليابان والهند والصين وغيرها من الدول الآسيوية، ولكن الإستراتيجية الحالية التي اتبعتها قطر للتفاعل مع الأزمة جاءت على أكثر من مستوى: أولها التفاعل الإيجابي بتوفير الإمدادات التي تستطيع قطر تأمينها وضخها في الأسواق الأوروبية ورفض المضاربة بالسعر الأعلى في الصفقات الجديدة المرتبطة بالكميات التي تمتلكها البلاد وتقديم أوروبا في ضوء الأزمة في لائحة التوريد المباشر، وأيضاً بحث سبل بديلة لتحويل بعض من شحنات وتوريدات الغاز في بعض التعاقدات مع عملاء قطر في آسيا وتوريد بعض منها إلى الأسواق الأوروبية بمراجعة لصيغ التعاقد وضمان تحسين مستقبلي لشروط العقود الجديدة، وأيضاً التعجيل في خطط البلاد من التوسعات عبر تعزيز الشراكات وبناء صيغ تعاقدية جديدة مع شركات القطاع الخاص بأوروبا وفقاً للمعادلة السعرية وطبيعة السوق تصب في صالح الأطراف كافة، فعموماً من قبل الحرب الروسية الأوكرانية كان هناك نقص في إمدادات الطاقة في أوروبا وسعي كبير لاستبدال الغاز الروسي على أكثر من مستوى، ما منح فرصة للغاز القطري أن يكون في طليعة الطموح الأوروبي عبر العلاقات الإيجابية في تأمين الاحتياجات في ظل أزمة حقيقية يمر بها العالم الآن، خاصة أن الغرب اختار الضغط على روسيا اقتصادياً في شكل عقوبات وهذا من الصعب تحقيقه في ظل استمرار تدفق المليارات عبر عقود الغاز الروسي إلى أوروبا والذي يمثل 40% من الاحتياجات الأوروبية ولا يمكن الاستغناء عنه في الوقت الحالي ما يمنح روسيا استفادة من ارتفاع أسعار الطاقة تمكنها من تجاوز العقوبات الاقتصادية وأفضلية إستراتيجية في حملتها العسكرية التي تشنها الآن في أوكرانيا، وهو السيناريو الذي لا يرغب فيه أحد وما جعل من خيارات العقوبات الاقتصادية والحاجة الملحة لتأمين احتياجات مستقبلية من الطاقة إلى بروز دور قطر في أكثر من صورة حيث نجحت من خلالها في تقوية علاقاتها الدولية والأوروبية على أكثر من صعيد و في أكثر من محور». انتهت شهادة السيدة الخبيرة وهي تتضمن بفضل تخصصها تشخيصا موضوعيا للوضع السياسي والاقتصادي في أوروبا والعالم ومع التشخيص قدمت لنا رؤيتها الأمينة النافذة للدور القطري الرائد في إقرار الأمن والسلام الدائمين بواسطة الثروة الطاقية ولكن أيضا بفضل دبلوماسية ديناميكية حية مرنة تتمسك بمرجعيتها الدائمة وهي الإنطلاق في كل مواقفها من بنود القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة ومراعاة الأخلاق السياسية والحضارية دون الوقوع في سياسة المحاور والإبتعاد عن تبني العداوات الأيديولوجية والإثنية والدينية بين أطراف الصراعات وبؤر التوتر والعنف في العالم. ونذكر أن قطر كانت خلال الأسبوع الماضي أول دولة مسلمة استدعت سفير الهند للتنديد بالإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. [email protected]