13 أكتوبر 2025

تسجيل

الصحـافة المدرسـية

10 يونيو 2019

تعتبر "الصحافة المدرسية" من أهم النشاطات المدرسية اللاصفية التي تحقق أهدافاً تعليمية وتربوية كثيرة، تخدم المنهج والكتاب المدرسي وتوفر للطالب متعة من نوع خاص، وتؤدي في مجملها إلى ربط الطالب بواقعه ومجتمعه من خلال ممارسة لون من ألوان الإعلام المقروء، الذي يساهم هو نفسه في إيجاده. ومع أن الصحافة المدرسية نشاط لا صفي، إلا أنها تحقق ذات الأهداف العامة التي تحققها المواد الدراسية الأُخرى مثل اللغة العربية والعلوم الشرعية والمواد الاجتماعية وغيرها. فالصحافة المدرسية، تحبب التلميذ في لغته العربية، وهي أداته في تعلم الصحافة في المستقبل مما يكسبه الثقة بالنفس والقدرة على التعبير ومواجهة الجمهور وتوصيل أفكاره للقارئ. ولأن الصحافة عمل جماعي، فإنّه يتوقع منها -إن مورست على أصولها داخل المدرسة- أن تحبب التعاون لدى الطلاب بما يفيد في تكوين رأي عام داخل المدرسة، يساعد الإدارة في ضبط النظام ويسهم في اكتشاف المشاكل واقتراح الحلول.. هذه الأهداف على وجه الخصوص تصقل شخصية الطالب وتعلمه الجرأة وتدربه على المواجهة وتؤهله مستقبلاً للقيادة، فضلاً عما تكشفه من مواهب في شخصيته. من خلال متابعاتي أو تقديمي للورش عن الصحافة في بعض المدارس، لاحظت أنّ الصحافة المدرسية في قطر لا تحقق الأهداف العامة المرجوة منها، والسبب في نظري يعود إلى عدم وجود استراتيجية تربوية خاصة بالصحافة المدرسية، فغرق هذا النشاط اللاصفي بدوامة الارتجال، الذي يحدد خطواته المدرس المشرف على جماعة الصحافة والذي يكون في الغالب من مدرسي اللغة العربية!! وأحيانا توكل مهمة متابعة هذا النشاط اللاصفي لأشخاص غير متخصصين أغلبهم يجهلون أبجديات العمل الصحفي وتقنياته!! حيث لاحظت في بعض المدارس أن الطلاب مقتنعون تماما بأن المقال على سبيل المثال هو موضوع إنشاء، وذلك حسب النظريات التي تدرس لهم!! بعض المدارس تقوم بتعيين أشخاص مسؤولين عن الإعلام تحت مسميات منسق إعلامي أو مشرف إعلام واتصال، لكن للأسف لم تتحر إدارات تلك المدارس عند اختيار هذا المنسق أو المشرف، فمنهم من لم يدرس الإعلام أصلاً، حيث يبدو أن الهدف الأول من تعيين هؤلاء هو الترويج للمدرسة من خلال وسائل الإعلام وبخاصة الصحف.. ولله الحمد قدمت الكثير من الورش والمحاضرات عن التربية الإعلامية بمبادرة من مركز الدوحة لحرية الإعلام للطلبة والمدرسين والمدرسات، ولكن للأسف لم يتم حتى الآن تطبيق هذا النوع من التربية الإعلامية بشكل فعلي بالمدارس كأحد أساليب التعليم، مثله مثل التعليم التعاوني أو التعليم بالاستقراء.. الخ. بعد مطالعتي لعدد من الصحف المدرسية المطبوعة للمدارس المستقلة والخاصة، والتي وضعت نسخاً منها على مواقعها الإلكترونية، لاحظت أنها تعتمد على نشر أخبار عن إنجازات المدرسة ومقالات تحتوي على معلومات عامة أو تتحدث عن شخصيات تاريخية منقولة من الصحف والكتب (نسخ ولصق)، وأحياناً تجد بعض التقارير عن الندوات والمحاضرات التي أقيمت بالمدرسة، وعلى استحياء قد تجد في الصحيفة حواراً واحداً، وغالباً يكون حواراً سطحياً يحتوي على أسئلة ساذجة أجراه الطلاب مع مدير المدرسة لتلميعه وإبراز مكانته، وتختفي الفنون الصحفية الأخرى!! كذلك فإن أغلب المنشور بالصحف المدرسية للمدرسين وليس للطلبة.. لذلك لن يفرز لنا مثل هذا العمل صحفياً موهوباً ولا إعلامياً لامعاً في المستقبل، ولن تكون لدى الطلبة أي مستويات لتعزيز الثقة بالنفس أو القيادة. وأتساءل.. كيف تتحقق مبادرة تطوير التعليم "تعليم لمرحلة جديدة"، والتي تهدف إلى إنشاء نظام تعليمي حديث وعالمي المستوى إذا كان واحد من أهم النشاطات اللاصفية لا يحظى بالاهتمام الكافي ولا يمارس بالشكل العلمي الصحيح!! [email protected] Twitter:@ahmed_aldar