16 سبتمبر 2025

تسجيل

وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

10 يونيو 2016

إن نبينا محمدا صلوات الله وسلامه عليه جمع الفضائل كلها والمكارم جميعها والمحامد بأكملها فهو خير قدوة لنا وأفضل أسوة لأمته ؛ من هديه نستقي تعاليم الدين وأحكامه، فإليه ينتهي الخير كله وفيه تأصل البر، وعلى يديه فاض النور وأشرقت الهداية وبه أنقذ الله البشرية فإننا في الأيام المباركة أيام رمضان المبارك شهر الصوم والرحمات والإحسان مما يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات ،فالصيام ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب ولكنه قبل ذلك امتناع عن الظلم والعدوان والشهوات وميول الشر لأنه يضبط جماح النفس ويخضع الملذات لإرادة الفرد ومن ثم يكون الإنسان في حالة من التواضع وعدم الاختيال بالذات مع إحساس بالخشوع والاتجاه الصحيح إلى الله، وهو ما يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته، فإن رحمة النبي صلى الله عليه و سلم بعد مهم في شخصيته وفي دعوته، ومن صميم شخصيته رسولا ونبيا ومبلِّغا عن ربه وهاديا للناس يقول الحق سبحانه وتعالى:(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء:107، عندئذ ندرك سعة رحمة هذا النبي الكريم وكيف كان صلى الله عليه وسلم يفيض رحمة في خلقه وسلوكه وأدبه وشمائله، وإنه لتناسب وتآلف في أرقى مستوياته بين الرسالة والرسول في هذه الرحمة، حتى لا يتصور أن يحمل عبء بلاغ هذه الرحمة إلى العالمين إلا رسول رحيم ذورحمة عامة شاملة فياضة طبع عليها ذوقه ووجدانه وصيغ بها قلبه و فطرته.فالصيام عبادة وقربة لله تعالى فهو يعمق الخشوع والإحساس بالسكينة والتحكم في الشهوات وإنماء الشخصية فلقد علمنا الهدي النبوي أن كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لله يجزي به الحسنة بعشرة أمثالها، وقد خلق الله النهار لننشط فيه ونبتغي من فضل الله، وخلق الليل لنسكن فيه ونهجع فليس الغرض من الصيام تعذيب النفس وتجويعها وإنما الغرض منه التقوى وتربية النفس المؤمنة وتهذيبها ورفع درجاتها وتعويدها على التحرر من شهواتها وملذاتها وترويض لها على الصبر وتحمل الآلام والبعد عن المحرمات والترفع بها عن مظاهر الحيوانية التي همها الأكل والشرب وإشباع الغريزة، وتقوى الله عز وجل هي فعل أوامره واجتناب نواهيه بل لابد من إمساك الجوارح عن اقتراف الآثام والذنوب والمعاصي فليتنبه الإنسان وليأخذ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في انتشار الرحمة، فقد أرسله الله تعالى رحمة للعالمين ،رحمة شاملة للوجود بأجمعه يستطيع المؤمنون الاستفادة من الرحمة التي كان يمثلها النبي صلى الله عليه و سلم ذلك لأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم ،ويستطيع الكافرون والمنافقون أيضا إلى جانب المؤمنين الاستفادة من هذه الرحمة كذلك، فعندما قيل له: ادع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم: إني لم أُبعث لعانا وإنما بعثت رحمة ،كما إن رحمته شملت أسرته وأمته وأصحابه، فقد كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته، من طيب كلامه وحسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام، لذا يعلمنا أن "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، كما أنه في تعامله مع أهله وزوجه كان يحسن إليهم، ويرأف بهم ويتلطّف معهم ويتودد إليهم، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، كما كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، وكان صلى الله عليه وسلم رحيما بالجميع ،لذلك يجب على كل مسلم ومسلمة أن يبتعد عن كل ما ينقص الصوم ويضعف الأجر ويغضب الله عز وجل من سائر الذنوب والمعاصي كالتهاون في الصلاة والغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور غير ذلك مما نهى الله عنه، ليتحقق بذلك معنى الصيام من تقوى وإيمان ورحمة وإحسان.