11 سبتمبر 2025

تسجيل

إشاعة بيري

10 يونيو 2012

في قرنٍ يعد من أفضل القرون على الإطلاق، مكث سيدنا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - مهموماً حزيناً قرابة الشهر، لا وحي ينزل عليه يُطمئنه، ولا هو عاهد من أهله إلا الطهر والعفاف، إذ كان ذلك بسبب أقبح الشائعات على الإطلاق، تلك المسماة (بحادثة الإفك). والإشاعة في اللغة، مأخوذة من شاع الشيء أي انتشر، والإشاعة هي الأخبار المنتشرة، إذ يُقال رجل مشياع، أي مذياع لا يكتم خبراً، ولا يحفظ سراً. وفي الاصطلاح: بث خبر من مصدر ما، في ظرف معين، ولهدف ما يبغيه المصدر دون علم الآخرين، وتعرف أيضاً بأنها الأخبار المشكوك في صحتها. ولكن، ماذا لو كانت أبواق الشر المصدرة للإشاعات قد سقطت بين أيدينا، إذ نحن من حوّلنا (الهواتف الذكية) إلى هواتف حمقاء لا تنقل إلا الإشاعات من الأخبار والموجع من الحديث..! وماذا لو أننا جهلنا خطورة بعض من محتويات رسالة البث الخلوية السريعة الخاصة بتلك الهواتف، خاصة إذا كانت رسائل سريعة تزعزع الأمن، وتسلب السلام من النفوس، إذ هي لا تزرع إلا الوجل والريبة. إن المجتمع بجميع فئاته، يحوي على الضعيف والقوي، المريض والمتعافي، المفعم بالحيوية والنشاط، والممتلئ بالخيبة والانكسار، فلو أننا افترضنا أن بيتاً خالياً من الأشخاص إلا عجوز مسنة، كيف هي ستبيت الليل مطمئنة وبعض من الشائعات قد هاجمت رأسها، تماماً كما غزاه الشيب..! وكيف سيستكين الأطفال في الليل دون أن ينظروا إلى العالم بخيفة..! وأقل حقوقهم علينا ألا يُبصروا من الكون إلا برداً وسلاماً، بماذا ستتوّسم شخصياتهم ونفسياتهم في أيامٍ لا تشبه إلا أيام الخوف والسبب (إشاعة)..!! إن الخبر عندما يرويه شخص إلى آخر، يكون مغايراً عندما ينقله هذا الآخر إلى آخر أيضاً، فعوامل مثل الخيال والتهويل والزيادة والإضافة، تلعب أدواراً أساسية في أن تتخذ شكلها الأخير المفبرك. في الحياة، لا أظن أن هناك أغلى من الوطن، ومن سكنه من الأهل والأقارب والأصدقاء والمجتمع ككل، فماذا لو تكاتفنا لخلق ثقة صلبة تتكسر على ظهرها الشائعات المغرضة كتكسر البَرَد فوق الصخور، وأن نقتل الشائعات في مهدها، فنخنقها قبل أن تتنفس أوكسجين راحة الفكر واطمئنان النفس. فلتكن حملة إذن، حملة تقول (لا للإشاعات) ولا لزعزعة الأمن، لا لبث الخوف، لا لزرع الريبة والخوف والوجل، حملة تقول (كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع)، ونعم لثقة في الله عظيمة أن يُنزل الرحمة والسكينة والسلام والأمن على قطر أهلها، وسائر بلاد المسلمين، نعم للاستخدام الصحيح للهواتف الذكية في نشر الخير وأخباره، نعم لمجتمعٍ كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. ألف لا باس يا بلادي عليك / يوم عم الحزن في دوحتك كلنا دون حدك نفتديك / وكلما دون لاهب نوحتك