محبة الآخرين

نفع الناس والإحسان إليهم عبادة عظيمة، فالله -سبحانه- أمر بالإحسان في آياتٍ كثيرة، وأخبَر أنَّه يحبُّ المُحسنين، وأنَّه مع المُحسنين وأنه يَجزي المُحسن بالإحسان، وأنه يجزي المحسنين بالحُسنى وزيادة، وأنه لا يضيع أجر المُحسنين، ولا يضيع أجرَ من أحسن عملاً، وورد ذِكْرُ الإحسان في مواضِعَ كثيرةٍ من القرآن الكريم ؛ تارة مقرونًا بالإيمان، وتارة مقرونًا بالتَّقوى أو بالعمَل الصَّالِح، كلُّ ذلك مما يدلُّ على فضل الإحسان وعظيم ثوابه عند الله -سبحانه وتعالى-، ومع ذلك فالحرب بين الزملاء في العمل والمدرسة والمصنع أو أي مؤسسة أو شركة في أي مكان عمل قائمة ولا تنتهي، إذا فتح أحدهم شركة وأصاب شيئا من نجاح يأتي عشرات في نفس الشارع ويفتحون مثله فيخسر الجميع .نسي الكثيرون منا الإحسان والمحبة وامتلأت قلوبهم بالغيرة والحسد، وهنا أسرد لكم قصة قرأتها مؤخراً، حيث يذكر أنه في عام 1974م كان مهاتير محمد ضيف شرف في حفل الأنشطة الختامية لمدارس «كوبانج باسو» في ماليزيا، وذلك قبل أن يصبح وزيراً للتعليم في السنة التالية، ثم رئيساً للوزراء عام 1981، قام مهاتير في ذلك الحفل بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسين، وليست للطلاب، وهي توزيع بالونات على كل مدرس، ثم طلب أن يأخذ كل مدرس بالونة وينفخها، ومن ثم يربطها في رجله، فعلاً‌ قام كل مدرس بنفخ البالونة وربطها في رجله، جمع مهاتير جميع المدرسين في ساحة مستديرة ومحدودة، وقال: لدي مجموعة من الجوائز وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط، وبعد دقيقة سيأخذ كل مدرس مازال محتفظاً ببالونته جائزة !بدأ الوقت وهجم الجميع بعضهم على بعض، كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر، حتى انتهى الوقت.العبرة: وقف مهاتير بينهم مستغرباً، وقا : لم أطلب من أحد تفجير بالونة الآخر؟ ولو أن كل شخص وقف من دون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر، لنال الجميع الجوائز، ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع، كل منا يفكر في النجاح على حساب الآخرين، مع العلم أن النجاح متاح للجميع، ولكن للأ‌سف البعض يتجه نحو تدمير الآخر وهدمه لكي يحقق النجاح، وللأسف هذه حقيقة موجودة في حياتنا الواقعية، كل منا يريد تدمير أخيه أو زميله في العمل حتى يصعد هو على أكتافه دون الالتفات للمبادئ والقيم الإنسانية .وأخيراً تأكد أن نجاحك لا يستوجب عليك أن تسعى لفشل غيرك .. كلما أحسنت نيتك، وأخلصت في عملك أحسن الله حالك! و كلما أزلت الحسد والحقد من قلبك وتمنيت الخير لغيرك يوفقك الله للخير والنجاح في الدنيا والآخرة، وسلامتكم .