14 سبتمبر 2025

تسجيل

الإرهابي زيدان

10 مايو 2015

يبدو أن العالم يسير عكس الاتجاه، لأن المفاهيم والمصطلحات والتوصيفات تأخذ عكس معانيها الفعلية، ومن هذه المفاهيم " الإرهاب والإرهابي"، فكل الأنظمة في العالم تريد أن تحارب "الإرهاب" وأن تتصدى "للإرهابيين" دون أن يكلف أحد خاطره ويعرف لنا "ما هو الإرهاب ومن هو الإرهابي"، في واحدة من المفارقات التاريخية الخطيرة. أسوق هذا بين يدي كشف وثائق مسربة عن طريق المتعاقد السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكية إدوارد سنودن عن أن حكومة الولايات المتحدة قامت بتصنيف الصحفي أحمد زيدان، مراسل قناة الجزيرة في باكستان على أنه عضو بالقاعدة، ووضعته على قائمة المراقبة كإرهابي مشتبه به. دون أن تعرف الولايات المتحدة الأمريكية "الإرهاب والإرهابي".أحمد زيدان ليس صحفيا عاديا، فهو من النجوم الكبار في عالم الصحافة والإعلام في العالم العربي والعالم، وهو يتمتع بمصداقية عالية جدا، وقدرة كبيرة على الوصول إلى المصادر، وحقق في عمله "خبطات" صحفية كبيرة تحسب له في سيرته ومسيرته المهنية، فهو يتمتع بحس صحفي مرتفع وقدرة على "شم" الأحداث قبل وقوعها، وهو مثقف من طراز رفيع، كاتب وباحث ومحلل سياسي، وهو "عملة نادرة" في سوق الصحافة العربية الذي يعاني من النكسات والانتكاسات المهنية والأخلاقية.يعتبر أحمد زيدان من أفضل الخبراء في العالم بشؤون القاعدة وطالبان والجماعات الإسلامية والشؤون الباكستانية والأفغانية بفضل خبرته الميدانية وتجاربه الصحفية التي لا تخلو من "المغامرة والمخاطرة"، وليس من محللي المكاتب والخيالات الواسعة التي تكون أقرب إلى الجهل منها للحقيقة، ويبدو أن هذه الخبرات والكفاءة والقدرة على الوصول إلى مصادر لا تستطيع الأجهزة الأمريكية أن تصل إليها قد أثارت حنق واشنطن فقررت أن تصنفه "عضوا في القاعدة وفي جماعة الإخوان المسلمين" في آن واحد، مع بعد الشقة بينهما، وبالطبع فإن واشنطن بما لديها من قوة باطشة غير ملزمة بتقديم دليل ولديها ترسانة من قوانين الأدلة والمحاكمات السرية التي تضع المتهم المفترض في دائرة لا فكاك له منها، كما حدث مع سامي الحاج، وكما حدث مع الإعلامي تيسير علوني في أسبانيا. دون أن يقولوا لنا كيف يتحول الصحفي في عرفهم إلى "إرهابي".استهداف أحمد زيدان يعد استهدافا للصحافة الحرة المهنية عالية المستوى، وتصنيفه "إرهابيا" يمثل ضربة قاصمة للعمل الصحفي في العالم الذي تحاول فيه أمريكا أن تفرض روايتها ورؤيتها وسياستها، وهي تتجسس على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وتضع اتصالات هذه المؤسسات تحت الرقابة والتتبع.المفارقة العجيبة هي أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تستخدم "سكاي نت" للتعرف على الأشخاص الذين يُعتقد أنهم يعملون كمراسلين مستخدمين بين قيادات القاعدة. ويقوم هذا البرنامج بتحليل البيانات التي أوصلته إلى أن "زيدان" هو شخص مناسب لهذه المهمة!!.. شخص "مناسب" لكي يكون إرهابيا.هذا البرنامج يحوي أكثر من مليون اسم مشتبه به ويتم تشاركه بين الأفرع المختلفة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية على تنوعها، لأشخاص مناسبين كـ"ارهابيين"، يمكن لأي شخص أن يكون من بينهم.استهداف الصحفي والإعلامي والنجم اللامع والصحفي المتميز أحمد زيدان، واستهداف الصحفيين في العالم، عار على كل المؤسسات والجهات والحكومات التي تستهدفهم، لأن هؤلاء أحمد زيدان ورفاقه من الصحفيين هم عيون الحقيقة التي يريدون فقأها لكي يعم الظلام ولا يعرف الناس ما يجري.