13 سبتمبر 2025

تسجيل

(هولوكوست) انتخابي مصري

10 مايو 2014

يبدو أن كل التجارب الدموية المؤسفة التي مرت بها مصر المحروسة منذ انقلاب 23 يوليو 1952 لم ترو بعد غليل المتعطشين للدماء والساعين للعنف، والمبشرين بالاستئصال والاجتثاث لمن يخالفونهم في الرأي ويختلفون معهم في الرؤى والمنطلقات. والتصريحات الأخيرة المنسوبة للمرشح الرئاسي والرئيس القادم المشير عبدالفتاح السيسي والتي قال فيها وأكد أنه: (لن يكون هنالك وجود لجماعة الإخوان في مصر)!! هي من طراز التصريحات الاستئصالية التي تعني أشياء ومعاني كثيرة في زمن لم تعد فيه مثل تلك الأساليب والوعود المتطرفة لها أية حصانة مقبولة، فبدلا من أن يعبد المشير الرئيس القادم الطريق لتنقية الأجواء وتحقيق السلام الأهلي والعودة لاحترام رأي الشارع والتفاوض على حلول مقبولة جماهيريا للحفاظ على وحدة ودماء وأرواح وأرزاق شعب مصر.. وهي مهمة الرئيس القادم الأولى والأساسية كما يفترض، نراه يجنح للأسف صوب تبني خيارات الماضي المأساوية القمعية الفاشلة التي لم تورث مصر وشعبها سوى الهزائم والنكسات والتراجع الحضاري في مختلف المجالات، لم يعد مقبولا وبشكل مطلق الحديث بلغة (بكباشيو) الماضي التعيس من الذين لم يقدموا لشعب مصر سوى الوعود الفارغة والكلمات الحماسية ولكنهم تميزوا بفتح السجون الصحراوية والمعتقلات الحربية والمخابراتية وتخصصوا في تشريد القوى المصرية الحرة الرافضة للظلم والإقصاء والقمع، لغة المشير السيسي الانتخابية لا تبشر للأسف بأي خير أو انفتاح أو حتى تفكير بالخروج بمصر لبر الأمان وتجنب حالات الصدام الدموي اليومية المؤسفة، ومحاولة السيد المشير عزل وتهميش قوى سياسية ومجتمعية مهمة بحجم جماعة الإخوان المسلمين لا يمكن لها أبداً أن تلقى حظها من النجاح بل سترسم خطوطا دموية مؤسفة على وجه مصر الجميل، وستشوه كل معاني ومنطلقات ثورة 25 يناير التي اندلعت ضد الفاشية والظلم والإقصاء واعتبار مصر مجرد (عزبة) لمن حكم وتسلط، ثم لتكون النتيجة العودة لسياسات الماضي الكارثية والتي يبدو أن أهل العسكر لم يحسنوا أبداً قراءة معانيها التاريخية ومؤثراتها المجتمعية!، مشكلة كبرى أن يتم تجاهل التاريخ وعدم الاتعاظ بتجارب الماضي القريب، لقد حاول النظام الشمولي المخابراتي الذي بناه جمال عبدالناصر الإجهاز التام على جماعة الإخوان وأتبع مختلف السبل والوسائل بدءا من الاعتقال ثم التشريد وأخيرا الإعدام والتصفية الجسدية دون أن يتمكن من ذلك؟ وقبله حاول القلم السياسي في عهد الملك فاروق سلوك نفس المنهج واغتال المؤسس الشيخ حسن البنا دون أن ينجح في اقتلاع التنظيم أو القضاء على وجوده!، فكيف يتمكن المشير اليوم وفي ظل الظروف المصرية المعروفة والدولية السائدة من أن ينفذ وعده الانتخابي الشرس؟ وهل يستطيع مشير اليوم تحقيق ما عجز عن تحقيقه مشير الماضي من أهداف قمعية ذهب أصحابها لذاكرة التاريخ يندبون حظهم فيما بقيت مصر وقواها الحرة متألقة حرة وهي تعيد رسم الخارطة الشعبية المصرية وتتهيأ لقيام مصر حرة جديدة تتجاوز آثام الماضي وخطاياه وتسعى من أجل إرساء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلم الأهلي وإعادة الروح للنهضة المصرية الحضارية التي داس عليها العسكر بأحذيتهم الثقيلة!!. مؤسفة للغاية وعود المشير التصفوية القمعية، فالأفكار لا تحارب بالبنادق والمسدسات وورشات التعذيب ومعامل الموت الشامل، بل تعالج بالأفكار المضادة وبالإنجازات الميدانية، أما من يتوعد الناس بالرياح فلن يحصد سوى العواصف!!.شعب مصر يقف اليوم على أعتاب أخطر مرحلة في تاريخه الحديث.. وكان الله في عون الأحرار.