14 سبتمبر 2025
تسجيلهدف المسلم الحقيقي في حياته هو تحرِّي الوصول إلى رضا الله تعالى والحرص على ما ينفعه والاجتهاد في تطبيق ما أمر الله به واجتناب ما نهانا عنه؛ وذلك خوفًا من عقابه وطلبًا لثوابه وجنته بلا شك. ومن جملة الأوامر التي أوردتها الشريعة الغرَّاء: الأمر بصلة الأرحام والتشديد على هذا الأمر. وصلة الرحم في الإسلام شأنها عظيم؛ لأن عليها يُبنى الترابط والمودة بين المسلمين؛ لذا اشتق لها اللهُ جزءًا من اسمه تعالى «الرحمن»، لتدل على الرحمة والرفق والرأفة والعطف. يقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ¶ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ¶ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» (النساء: 1). وعن أبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - قال: «إنَّ الله خَلَق الخَلْق، حتى إذا فرَغ مِن خلْقِه قالتِ الرَّحِم: هذا مقامُ العائذ بك مِن القطيعة، قال: نعَمْ، أما ترضين أن أصلَ مَن وصلَك وأقطَع مَن قطعك؟ قالت: بلى يا ربِّ، قال: فهو لك»، قال رسولُ الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «فاقرؤوا إنْ شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)» (محمد: 22) (متفق عليه). فقطيعة الرَّحِم من كبائر الذنوب، وجعل الله عقوبتها الطرد من رحمته. قال تعالى: «أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ» (محمد: 23). ولسلفنا الصالح أقوال تحث على الوصل وتنبذ القطيعة. والذين وفَّقهم الله إلى صلة الأرحام كافأهم في الدنيا بسعة في الرزق وبركة في العمر ولهم في الآخرة جزاء عظيم؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «مَن سَرَّه أن يُبسَطَ له في رِزقه، أو يُنسَأ له في أثَرِه، فليصِلْ رَحِمَه» (صحيح البخاريِّ). ومن أفضل الطاعات في رمضان: تجديد الوصل بين الأهل والأقارب ابتغاء مرضاة الله تعالى. وأحق الرحم بالوصل: الأصول ثم الفروع، فالأب والأم في المرتبة الأولى، ثم الأعمام والعمات والأخوال والخالات، ثم فروعهم من الأبناء والبنات. فلنحاول جاهدين ترتيب الوقت في رمضان وتخصيص جزء منه لزيارة أرحامنا والسؤال عنهم وتفقُّد أحوالهم أو حتى الاتصال بهم عبر الهاتف أو أيٍّ من وسائل الاتصال الكثيرة الموجودة الآن، فقد صار الأمر سهلًا عن ذي قبل، وكذلك لا نغفل عن مساعدة الفقراء من ذوي الرحم؛ لأنها صدقة وصلة كما قال النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «إنَّ الصدقة على المسكين صَدقة، وإنَّها على ذِي الرَّحِم اثنتان: صَدَقة، وصِلة» (أخرجه الترمذيُّ والنسائيُّ). فلنبادر بالإصلاح ونبذ الخلاف إن وُجد بين الأرحام، فالخلافات بين ذوي الرحم كل الأطراف فيها خاسرة؛ لأنها تهدم الروابط وتؤدي إلى الهجر والقطيعة، ولنحاول محو رواسب الماضي التي تعكِّر صفو الحب والإخاء بيننا فنجدد الوصل في هذه الأجواء الإيمانيَّة الجميلة. جعل الله رمضانكم سعادة وصلة وخيرًا وبركة وكتب لكم الأجر والمثوبة.. اللهم آمين.