15 سبتمبر 2025
تسجيلأنت الشخص الوحيد الذي يمكنه معرفة المهارات التي تملكها، وأنت أيضاً الشخص الصح الذي يستطيع تقدير إمكاناتك واستعداداتك، أستغرب عندما يجاوبني أحدهم: أنا؟ أنا فيني كل هذا؟ عندما أصفه أو أعدد مناقبه أو حتى مساوئه. منطقة الشغف لديك هي منطقة القوة عندك، فالشغوف بالحرف اليدوية يعتبر حرفياً ماهراً متى ما استمر في ممارسة تلك المهارة، والشغوف بالقراءة تجده موسوعة متحركة، والشغوفة بالطبخ تجدها شيفاً مميزاً، وهكذا فنقطة القوة هي المستوى الذي تستمتع فيه بممارسة ما تحب، فتكون النتيجة إبداعاً ثم إبداعاً ثم إبداعاً. الدافعية للعمل المفضل ليست كافية؛ فعندما تميل إلى مجال ما كالمجال الصناعي أو التجاري أو الزراعي، فإنه لا تكفي تلك الدافعية أو هذا الميل، إنك تحتاج إلى التعمق والقراءة والتدرب على أيدي مختصين واستشارة الخبراء، فضلا عن الممارسة الفعلية التدريجية، لو افترضنا أنك مندفع لحفظ القرآن الكريم كاملاً، ولديك ميل للتخلص من كل معوقات هذا الهدف، في هذه الحالة فإنك تحتاج إلى مدارسة القرآن والتفكر في معانيه والحفظ على أيدي مشايخ مختصين، فضلاً عن أخذ خبرة ممن سبقوك في هذا المجال والترديد اليومي المرتب والمنسق للأجزاء المعنية من المصحف. يحتاج الممارس لمهاراته معرفة أساسيات الدقة في الأداء، هذا يعني أنه لابد أن يكون الإنسان حريصاً على تخفيض نسبة الخطأ بالتدريج كي يصل إلى رقم صفر، وعليه فإن الأخطاء في الإنتاج الأول من أي عمل تكون مقبولة في البداية، ثم تأتي بعد ذلك الممارسة اليومية وما تتطلبه من زيادة الإتقان حتى يصل الإنسان إلى الدقة، ولا تسألوني كيف كانت الوجبة الأولى التي طبختها زوجتي في بداية زواجنا، حتى وصلت الآن إلى تجارة رائدة في الطبخ (شغل بيتنا). وهناك مدخل جيد وسهل لممارسة المهارات اسمه النمذجة، وهو أن تقوم بأفعال تطابق تماما أفعال شخص ناجح في المجال الذي تحبه، وأكيد مر عليكم الكثير من الشباب الذين يقلدون قراء الحرم المكي، ولا استغرب أنكم شاهدتم أناساً عاديين يشبهون بالشكل والملبس شخصيات معروفة، ولابد أنه مررت في حياتك بمواقف تربوية معينة تمارس أنت من خلالها ما مارسه والداك عليك عندما كنت صغيراً، هذه هي النمذجة وهي إحدى طرق ممارسة المهارات. وقد يصعب على البعض ممارسة ما يحب حتى ولو كان ذا إطلاع بالموضوع، لأن هناك فرقاً بين المعرفة العامة والمعرفة التطبيقية، الشخص الذي درس علم التسويق ليس بالضرورة أن يكون ناجحاً في جذب العملاء واستيعاب الزبائن وزيادة المبيعات، لأنه يحتاج إلى ممارسات عملية وإستراتيجيات تطبيقية تقوم على دراسة نفسية العميل ونمط شخصيته وكيفية التدخل بالوقت المناسب في سلوك الشراء لديه، وكذلك المعلم الذي لا يستطيع أن يتخرج في كلية التربية دون أن يجتاز فصلاً دراسياً كاملاً في التربية العملية على أرض الواقع في المدارس. عندما تمارس مهاراتك تحتاج أن تسمع ردود أفعال الآخرين حول تلك الممارسة، كما تحتاج إلى الإرشاد المناسب للتقويم والتصحيح متى ما كانت هناك حاجة لذلك، إن الإرشاد والتوجيه من قبل المختصين يعتبران مرآة تعكس جودة الأداء وتبين مناطق الخلل والضعف مما يسهل عليك ممارسة مهاراتك إلى أقصى ما تصل إليه درجة التمكن، الشاب الذي يمارس الرياضة في النادي الصحي، الأم التي تجهز وجبة الإفطار، الموظف الذي يدير مشروعاً حيوياً في الوزارة أو المؤسسة، والعسكري الذي ينضبط بأساسيات السلوك العسكري، والطالب الذي ينجز تكليفاً أو وظيفة مدرسية، هؤلاء كلهم ينتظرون ردة الفعل من الأطراف الأخرى، وليس شرطاً أن تكون مديحاً بل قد تكون «إرشاداً وتصحيحاً عن الاعوجاج. ومتى ما نجح الفرد في ممارسة مهارة معينة، فإن هذا النجاح يقود إلى نجاح آخر، وتزداد ثقته بنفسه ويحدد له طريقته الخاصة في ممارسة تلك المهارات، تماماً كسائق السيارة الذي يحاول أن يدخل سباق الرالي، تجده عندما يفوز ويدخل إلى المنافسة في المرات القادمة لأن ثقته بنفسه ازدادت وعرف آلية النجاح في مثل هذا السباق ويمكنك الحديث إلى السيد عبدالرحمن أحمد العثمان ليروي قصة نجاحاته في الرالي. آخر المطاف لكل منا طريقته في التفكير التي تجعل من ممارسة مهاراته نجاحاً في الحياة، يكون الفرد في دماغه منظومة لمواجهة أي موقف من مواقف الحياة ليمارس مهاراته المناسبة لها من وجهة نظره. همسة: وتمشي وكأني ما أعرف ممشاك، ودربك بين شبـــاكي وشباكي. دمتم بود