16 سبتمبر 2025
تسجيلقد تكون تجربة الجهاد الناجحة لثورة المجاهدين الجزائرية لاسترجاع ارضهم وحقهم الشرعي وحريتهم وكرامتهم عام 1954- 1962 مثالاً جديراً للنضال والتصدي لانتهاكات دولة الاستعمار فرنسا التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق وطنهم إلى أن تـمَّ تحقيق الاستقلال. وهذا الطريق النضالي كان لا بد أن نشير إليه كتجربة حية ناجحة كـي تتعاطى معه وتسلكه القوى الشعبية الموحدة في فلسطين خاصة إذا خرجت من جدول الأعمال الإقليمية والعالمية لتلعب دوراً إيجابياً في تحقيق هذه الآمال. وقد ازداد ايماني بهذا الأمر وبات واضحاً لي ما أكده جميع الحضور في نقاشات منتدى الدوحة بدءاً بالمناقشات المتعلقة بفلسطين والفلسطينيين التي باتت في أغلب الأحيان تدور حول العدالة والحقوق والمساواة أكثر من تركيزها على التحرر الوطني وإقامة الدولة وعملية السلام. من بينهم السيد فادي قرعان مدير الحملات الفلسطينية / AVAAZ، الذي قال: تآمرت كل وسائل الإعلام العالمية على الإعلام الفلسطيني وتم تجميده من قبل المجتمع الدولي، مما اضطره إلى اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي كبديل حيث شهد شهر أيار (مايو) 2021 تحولًا جذريا في الخطاب الدائر حول النضال التحرري الفلسطيني على يَدَيْ وجهود محمد الكرد الفلسطيني. وأضاف ان التغيير الرئيسي كان عودة الإحساس بالوكالة الفلسطينية فنحن ننتقل من سرد التبعية ونسأل أين الملايين؟ ونقول أننا بحاجة الى عملية سلام من الخارج، ان اغلال تلك التبعية تتساقط على الأرض حيث بدأ الفلسطينييون يقولون ان "مصيرنا بأيدينا، وسنتحكم فيه"، مشيرًا إلى الإحساس المتزايد بإلحاح بين الأجيال الشابة من الفلسطينيين من أجل العمل الجاد بعـد أن ظلت هذه الأجيال "مخنوقة ومهمشة" على مدى "الثلاثين عامًا الماضية". وقد دعا المتحدثون إلى العمل على إحياء الضمير العربي، حيث تقف الغالبية العظمى من الشباب العربي وراء التحرير الفلسطيني، ولكنهم يفتقرون إلى الوعي والمعرفة التفصيلية للقضية الفلسطينية وهو ما قاله لي شخصياً الاستاذ قرعان وطلب مني ككاتبة من مساندتهم في هذا الأمر فوافقت على الفور. وصرحت ديانا بوتو: التي عملت مستشارًا قانونيًا لفريق التفاوض الفلسطيني من عام 2000 إلى عام 2005 أنه لا يمكن إصلاح السلطة الفلسطينية بأي شكل لكي تلبي ما يريده الفلسطينيون لأنها باتت رهينة لدى المحتل. وقد انعكس ذلك في استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت أن اثنين من كل ثلاثة فلسطينيين يريدون وبقوة من محمود عباس الاستقالة. ومن جهته صرح السيد بيتربينارت المحرر الأمريكي واستاذ العلوم السياسية والصهيوني التقدمي اليبرالي للتيارات اليهودية قائلاً: كانت الأداة الأكثر فاعلية ضد النشاط الفلسطيني هي الاتهامات بمعاداة السامية. واضاف أن "الموقف الوحيد غير المتعصب الذي يمكنك توليه هو دعم الوضع الراهن حيث يفتقر ملايين الفلسطينيين إلى أي جنسية، ويحمل الفلسطينيون الآخرون مواطنة من الدرجة الثانية". وأشار إلى تحول متزايد في تصورات الشباب اليهود لإسرائيل، "يعتقد 25٪ من اليهود الأمريكيين أن إسرائيل دولة فصل عنصري، وخصوصا أولئك الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا". وقد وصفت مجلة نيويوركرز بينارت مؤخراً بأنه الصهيوني الليبرالي الأكثر نفوذاً وأنه ينظر إليه اليوم على أنه ناقد لاذع لدولة اسرائيل، ومؤيد لحركة BDS المقاطعة بسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل وأحد المكروهين في العالم اليهودي الأمريكي المنظم. وهو من الأصوات البارزة في الحركة التقدمية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية. أمضى بينارت العقد التالي وهو يحث اليهود الأمريكيين والإسرائيليين على العمل من أجل سلام الدولتين. وآخر ما توصل اليه قوله: دولة واحدة متساوية غير واقعية اليوم، مثلها مثل الدولتين والسبب واقعي بسبب أن إسرائيل هي الطرف الأقوى. كما أن الديناميكية الأكثر أهمية هي ما يحدث على الأرض في عالم يتم فيه استبدال السلطة الفلسطينية التي تعمل الان كمقاول من الباطن لإسرائيل وتحاول بقاء خيال الدولة الفلسطينية في مكانها بشكل مثالي بإيجاد حركة سلمية جماهيرية من أجل المساواة وفيها داخل الخط الأخضر قائمة مشتركة موسعة (حزب الأغلبية العربية في الكنيست) والتي تضم حزبا مثل ميريتس اليساري وربما حزب العمل لإنشاء حزب يهودي حقيقي للتحالف من اجل السلام مع الجانب الفلسطيني. وهو القائل: لم اعد أعتقد بإمكانية وجود دولة يهودية. ويظهر التحول غير المسبوق داخل الكونجرس الأمريكي منذ فترة قصيرة واضحاً، بالرغم من الدعم غير المشروط لإسرائيل، والتحولات المهمة في الرأي العام الأمريكي وداخل الحزب الديمقراطي، وفي سابقة ربما قد تكون الأولى من نوعها، حيث قام 138 نائبا ديمقراطيا في الكونجرس بتوجيه خطاب لبايدن لمطالبته بإدانة قتل المدنيين من الناحيتين وليس من الجانب الإسرائيلي فقط. ومن ناحية أخرى، قام 27 نائبا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ من مجمل 50 نائباً بقيادة النائب اليساري برني ساندرز بمحاولة إصدار مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار من الطرفين وتعطيل إقرار مجلس الشيوخ صفقة أسلحة مع إسرائيل لحين استجابتها للمطالب الأمريكي. فهل يا ترى سيترسخ حل مقنع لإنهاء مأساة الدولة الفلسطينية بانهيار السلطة فيها وخروج محمود عباس من الرئاسة بدون وضع بديل مقنع له ويصبح فلتان وتصارعات بين القوى الفلسطينية حول مقاليد الحكم من جهة ومن جهة أخرى تجمع القوى الشعبية جميعها من أجل النضال ضد الاحتلال الصهيوني والتحرر كما فعلت ثورة التحرير الجزائرية؟!