31 أكتوبر 2025

تسجيل

الوالد عبدالله بن راشد المحري المهندي رحمه الله

10 أبريل 2017

الأخ نعمة من نِعَم الله علينا في هذه الحياة الدنيا، وليس هناك أجمل من وجود أخ في حياتك، قال تعالى: "سنشد عضدك بأخيك". فتجد الأخ أوَّل مَن يفرح لفرحك، ويشاطرك أحزانك، فالإخوة سندنا في هذهِ الدنيا، وهم مصدر عزتنا بعد الله، فمهما عبَّرنا عمَّا بداخلنا تبقى الكلمات قليلة، لهذا أردت كتابة هذه السطور القصيرة عن الأخ والمعلم والصديق أخي الكبير الوالد عبدالله بن راشد بن علي المحري المهندي رحمه الله، الذي كانت حياته مابين 1934م و2017م، والذي فقدناه قبل أيام قليلة، فتركت لنا وفاته في القلب حُزنا وفي العين دمعًا، صابرين محتسبين ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا سبحانه: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، وَإنَّا على فراقك يا (بومحمد) لمحزونون.•طفولته وشبابه وحياتهكانت خير مسيرة من تعليم وتعلُّم، وجهد وعمل وتحديات وصعوبات، في طفولته وحتى في شبابه، حيث درس وتعلم، ثم عمل في شركة البترول مثله مثل رجال قطر في تلك الفترة الصعبة، ثم واصل تعليمه في القسم الداخلي في الدوحة، ودرس المرحلة الثانوية، ودرس اللغة الإنجليزية في ذلك الوقت الصعب، والتحق بعدة وظائف متنقلاً بينها، إلى أن استقر في العمل في مكتب السجل العقاري في مدينة الخور والتابع لوزارة العدل في دولة قطر.•الاستقامة على الحق والخيرعرفه جميع الناس بالاستقامة على الحق والخير والأخلاق الحميدة والسلوك الطيب مع الجميع، شهد له بذلك الجميع، وكان خير الولد لوالديه، عظيم البِرِّ بهما ومبالغًا في خفض الجناح لهما، حريصًا على طاعتهما وإرضائهما رحمة الله عليهم جميعاً. ونظيرَ بِرِّه بالوالد راشد بن علي بن راشد المحري المهندي رحمه الله؛ رزقه الله وكافأه بالأبناء البررة، محمد بن عبدالله بن راشد المحري المهندي وإخوانه حسن وإبراهيم وراشد وعبدالعزيز وحمد ومشعل وأحمد وناصر، وكذلك من بناته الصالحات ومن زوجته الفاضلة، فقدموا له من البِرِّ ما قدمه لأبينا من قبل. وكيف لا؟! فالجزاء من جنس العمل، فاللهم اجعلهم من الصالحين الذين يواصلون مسيرة البِرِّ والصلة والإحسان له بعد مماته كما كانوا في حياته.•علاقته بمن حوله من الناسأحبَّه الجميع لِطِيب أخلاقه وحب الخير للجميع بدون استثناء، ومن عظيم ما اتَّصف به الأمانة والإخلاص وينصح القريب والبعيد والكبير والصغير بدون مجاملة، وكان يعلمنا حب الدين وحب الوطن والتعاون مع ولاة الأمر في كل خير، ولم يزاحم الناس في تجاراته ولا مشروعاته في هذه الدنيا الفانية، بالرغم من أنه عمل في هذه المجالات والأخذ بالأسباب في كسب الرزق منذ حياة والدنا راشد بن علي المحري المهندي رحمه الله، منذ الصغر في البحر في مساعدة والدنا رحمه الله، ثم في ذلك السوق الصغير في مدينة الخور، وفِي ذلك الدكان الذي يقصده القاصي والداني ليس للشراء والبيع فقط، ولكن للاستفادة ممن يرتادون هذا الصالون الثقافي والديني والعلمي والأدبي، حيث كان من أشهر الملتقيات لأهالي الخور والذخيرة وباقي المناطق، وكان ملتقىً لأهل القرآن، وكذلك من الشعراء والأدباء، حتى تطورت حياته وعمله في مجالات شتى في البحر وشراء السفن وغيرها من التجارب الناجحة، ورزقه الله الخير والرضا والقناعة، وكان رحمه الله لا يزاحم أحدًا على الدنيا، بل كان يسعى إلى المزاحمة للدار الآخرة في بناء المساجد له ولوالديه وأجداده.•حرصه رحمه الله على العمل الخيري كان من أفضل مشاركاته في العمل الخيري بناء الجامع الكبير ببلدته على نفقته الخاصة، في شرق مدينة الخور وبمواصفات عالية الجودة وتكليف رسمي وبإشراف مباشر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، فبذل جهوده وأتقن في عمله حتى منَّ الله عليه باكتمال المسجد؛ فاللهم اجعل عمله في ميزان حسناته يا رب العالمين وارفع درجته في عليين، وارزقه بيتاً في الجنة كما بنى واهتم بالمساجد في هذه الدنيا. وحيث اهتم بمسجد والدنا راشد بن علي المحري، الذي بناه الوالد راشد وتم تأسيسه سنة 1377 هجري، ثم بنى الوالد عبدالله بن راشد مسجده وعلى نفقته الخاصة في شرق مدينة الخور ولاتزال هذه المساجد قائمة ولله الحمد، وقام ببناء المساجد خارج دولة قطر، وقام بحفر الآبار واحتسابها في ثواب أهله وذويه وجميع المسلمين والمسلمات، وانشغل بمساعدة الناس والشفاعة الحسنة في مكتبه وفِي مجلسه العامر بمدينة الخور في دولة قطر، وكان عنده حب العمل الخيري، والحرص على الكسب الحلال، وكان يأمرني شخصياً بالاتصال بالعلماء داخل قطر وعلماء المملكة العربية السعودية ويكلمهم ليعرف منهم بعض الفتاوى التي تنفعه في دنياه وآخرته، وكان يسعى في عمل الخير وقضاء حوائج الناس ومساعدة من احتاج إليه، نحسبه على خير والله حسيبُه ولا نزكي على الله أحدًا.فهذه شهادتنا له بالخير وشهادة كل من يعرفه وتعامل معه، وهناك أمور كثيرة وعظيمة قام بها أخي الكبير عبدالله بن راشد المحري رحمه الله لي شخصي، منذ أن كنت يتيماً صغيراً واهتم بشؤون حياتي كلها، إلى أن كبرت، وها نحن بعد وفاته نسأل الله أن يوجب له الجنة برحمته سبحانه، وما زلنا نتلقى المزيد من شهادة الناس له بالخير والعمل الصالح؛ فقد جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ فقال: وثلاثة. فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان".•وفاته رحمه اللهكما عاش أخي الوالد عبد الله بن راشد المحري المهندي (بومحمد) في الدنيا مُحبًّا لإخوانه وأهله ومَن حوله مِن الناس خفيفًا في حياته حيث إنه لم يزعج أحدا ولَم يُتعب أحدا لا من قريب ولا من بعيد، حتى وهو في شدّة مرضه قبل وفاته كان صابراً محتسباً وعنده يقين بأن ما عند الله خير وأبقى، حتى توفاه الله ، فقد رحل كذلك خفيفًا بعد مماته، حتى في لحظاته الأخيرة لم نشعر بأنه يحتضر بيننا وبين أبنائه وأمام مجموعة من الأطباء في وحدة العناية المركزة بقسم الطوارئ في مستشفى حمد العام بالدوحة، وكانت إجراءات الوفاة وغسل الميت وصلاة الجنازة من أسهل الإجراءات التي شهدتها في كثير من الوفيات، وحمدت الله أنني مع أبناء أخي كنّا عنده في لحظة احتضاره وتلقينه الشهادة رحمه الله، فكان خفيفاً ولَم يشعر به مَن حَمَلَه على الأكتاف من الرجال إلى قبره رحمه الله، وكانت الجنازة مسرعة لم يشعر بثقلها مَن حملها ونسأل الله أن تكون هذه عاجل بشرى المؤمن.•العزاء في مجلس الفقيد الغاليفي مجلس العزاء كان أبناء الوالد عبدالله في استقبال التعازي في فقيدنا الغالي، وبحضور والد الجميع الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي حفظه الله، وحضور كبار السن والشباب من قبيلة المحري المهاندة وأهالي الخور والذخيرة، حيث وصلنا الكثير من الناس من نعرفه ومن لانعرفه، وجاء العزاء من العلماء الأجلاّء ومن ولاة الأمر، الذين مثلهم بالحضور سمو الشيخ جاسم بن حمد بن خليفة آل ثاني الممثل الشخصي لسمو الأمير، ناقلاً تعازي سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وسمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، كما حضر كثير من المسؤولين في دولة قطر من شتى الوزارات والهيئات والمؤسسات، ومن جموع غفيرة من المواطنين والمقيمين من كافة شرائح المجتمع، بالإضافة إلى كثير من الاتصالات والرسائل والبرقيات، وجموع كبيرة من داخل قطر وخارجها من السعودية والكويت والبحرين والإمارات وعمان، وغيرها من الدول الشقيقة، ونسأل الله أن يبشر الوالد عبدالله ويبشرنا بالخير الذي ينتظره في الدار الآخرة. •دعاء:نسأل الله تعالى أن يرحمه رحمة واسعة ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويجمعنا به في الفردوس الأعلى بعد عمر طويل على طاعة الله وحسن العمل، وأن يبارك في أبنائه وبناته وإخوانه وأهله جميعاً ويجعلهم مباركين أينما حلّوا.. اللهم آمين.